للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نعمة بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعله مصدر عزتنا وقوتنا وصلاحنا وصلاح أمورنا في الدنيا والآخرة، وامتن علينا ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأنام، وأرسله رحمة للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:١٦٤] أحمده تعالى وأشكره حيث أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، وأستعينه وأستهديه وأتوب إليه وأستغفره.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا باتباع صراطه المستقيم، وحذرنا من طرق المغضوب عليهم، والضالين وغيرهم من المنحرفين عن الهدى المستقيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفوته من خلقه، بلغ البلاغ المبين، وترك الناس على المنهج القويم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين والسائرين على نهجهم إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا ربكم تبارك وتعالى واشكروه على نعمة الإسلام، تلكم النعمة العظيمة التي ضل عنها كثير من الناس {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:١٠٣] {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:٨] فتخبطوا في ضلالات المبادئ المنحرفة، ودياجير ظلمات النظم الفاسدة؛ التي تسوم الناس سوء العذاب والعياذ بالله.

فمن تأمل حال الأمم في قديم الزمان وحديثه التي تخلت عن الإسلام أو لم تَدِن به أصلاً يجد حياة الضلال والشقاء والفساد، فقد كان الناس قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم في جهالة جهلاء وضلالة عمياء، في شرك ووثنية، وتناحر وجاهلية، وفساد وضلال مبين، حتى امتن الله عز وجل فبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، فأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، هدى به بعد الضلالة، وبصَّر به بعد الغواية، وأصلح به بعد الفساد، وعلَّم به بعد الجهالة، صلوات الله وتسليماته وبركاته عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.

وحال الأمم اليوم في القرون المتأخرة والأزمنة المعاصرة ليس بأحقر من حال القرون السابقة، فهم يعيشون حالة الشقاء بأوسع معانيه، وحالة التعاسة بأفهم صورها، في معتقداتهم وأفكارهم ونفسياتهم وأمنهم وجميع أوضاعهم وأحوالهم؛ ذلك أنهم لم يدينوا بدين السعادة، وصدق الله عز وجل: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٨].