للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استغلال العمر في الطاعات]

الحمد لله مقدر المقدور، ومصرف الأيام والشهور، ومعاقب الأعوام والدهور، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الغفور، الحليم الشكور، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] واعلموا أن الأعمال بالخواتيم، فمن تاب وأصلح فيما بقي غفر له ما مضى وما بقي، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، وسلوا الله حسن الختام، وتذكروا رحمكم الله بانقضاء العام انقضاء الأعمار وبالانتقال إلى العام الجديد النقلة إلى دار القرار، قال بعض السلف: ابن آدم: إنما أنت أيام كلما مضى منك يوم مضى بعضك، وقال بعض السلف: كيف يفرح بهذه الدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله، وحياته تقوده إلى موته، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: {أعذر الله من أخر أجله حتى بلغه ستين سنة}.

كم ودعنا في هذه العام من أخ وحبيب، وصديق وقريب، واراهم الثرى، وسرى بهم البلى، ونحن في الطريق سائرون، وعلى الدرب ماضون، وعلى ما قدموا إليه قادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فهل من وقفة حازمة يا عباد الله! ولحظة حاسمة ينطلق منها كل فرد منا مقوماً مسيرته العلمية والعملية والدعوية على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومراجعاً حساباته على نهج الشرع الحنيف؟ هذا هو المؤمل لكل من أراد نجاته وسعادته في الدنيا والآخرة.

وإن واجب قادة المسلمين أن يجدوا في تطبيق شرع الله، وأن يبادروا إلى ذلك.

وإن على علماء المسلمين والدعاة إلى الله أن يجمعوا قلوبهم على الحق، وأن ينزلوا إلى ميدان التوجيه والإرشاد، وهل تنتهي بنهاية هذا العام مشكلات أمة الإسلام فتجتمع الكلمة وتتوحد الصفوف، وتتوارى الحروب والقلاقل عن مجتمعات المسلمين، وتسلك الأمة طريق الإصلاح، وتجد في السير على دروب العز والفلاح، هذا ما يؤمله كل غيور على أوضاع أمته، مهتمٍ بشئونها، ولنختم عامنا بالتفاؤل بأن المستقبل للإسلام وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير الورى كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا إلى ما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم هيئ له البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين يا حي يا قيوم.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وفك أسر المأسورين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

ربنا اختم لنا بخير واجعل عواقب أمورنا إلى خير يا ذا الجلال والإكرام.

رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.