إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، امتنَّ على عباده المؤمنين فهداهم للإسلام، وأتاح لهم أوقات الفضائل ومواسم العبادة ليتزودوا من الأعمال الصالحة، ويتوبوا إلى ربهم من الأعمال السيئة.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ومصطفاه وخليله، الذي ضرب أروع الأمثلة في اغتنام مواسم الفضائل، والحث على اغتنامها، والتحذير من إضاعتها، نصحاً للأمة وحرصاً على جلب الخير لها، ودفع الشر عنها، فقد كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذي تمسكوا بهديه، ومن سار على نهجهم، واهتدى بهديهم، واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون في بيت الله الحرام! أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، واغتنام أوقات هذا الشهر المبارك بالأعمال الصالحة، من تلاوة كتاب الله الكريم، الذي أنزل في هذا الشهر العظيم، قال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:١٨٥].
ومن ذكر الله عز وجل وتسبيحه، ودعائه واستغفاره، والتوبة إليه، والإنفاق في سبيله، والصدقة على المحتاجين وغير ذلك، فإن شهركم هذا شهرٌ عظيم، تضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتفتح فيه أبواب الجنات، وتقال فيه العثرات، وتغفر الخطيئات، وتستر الزلات، ولتحذروا -يا عباد الله- من المعاصي، فإنها تقلل أو تقضي على ثواب الصائمين.