إخوة الإسلام! قد عرفنا النظافة التي جاء بها الشرع بمفهومها الواسع، فهي ليست في جانبٍ ضيق يُعنى بالشكل على حساب الجوهر، كما أنها ليست كلماتٍ تُقال، ولا أيام تقام، بل هي ملازمة للمسلم لا تنفك عنه بحال، فما أحرى ذلك أن يزيدنا تمسكاً بديننا، ووعياً أعمق في حكمه وأحكامه.
وإن ديناً هذه تعاليمه، ينبغي لأتباعه أن يكونوا حريصين على النظافة بُكل أبعادها، ليكونوا أقوى الأمم؛ عقيدةً وإيماناً، وأسلمهم فكراً وعلماً، وأصلحهم قلوباً وأعمالاً، وأصحهم أجساداً وأبداناً، وأحسنهم هيأةً وأشكالاً، ليجمعوا بين صلاح الباطن والظاهر، وحسن المنظر والمخبر، وعند ذاك تحصل لهم القوة المادية والمعنوية، حيث يقوى الإيمان والعلم، ويحسن الخلق والمعاملة، وتصح الأبدان والعقول، فيكون لهم من الشوكة والهيبة والقوة ما يرهب أعداءهم بإذن الله.
وقد سبق الإسلام في ذلك النظم البشرية كلها، وأثبت الطب الحديث صدق ما جاء به الإسلام -ولله الفضل والمنة- مما يجعل حضارة الإسلام وتقدمه لا توازيها حضارة مدعاة، وتقدمٌ مزعوم كان من انقلاب الموازين عند أفراده، من التنافس في القذارة وعمل الأوساخ، والتسابق إلى أعمالٍ تنفر منها الطباع السليمة، والأذواق الحسنة، مما يخالف فطرة الله السوية، وتعاليمه السمحة.
عباد الله! اتقوا الله وتمسكوا بدينكم، واحذروا الاغترار بأعدائكم، واعملوا على تحقيق النظافة المعنوية والحسية في أنفسكم وأسركم ومجتمعكم، والله المسئول أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، إنه جوادٌ كريم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.