للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاتعاظ بالموت وبحسن الخاتمة وسوئها]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونتوب إليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، الملك العزيز الجبار، الذي قضى بزوال هذه الدار، وهدم بالموت مشيد الأعمار، وجعل في تعاقب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المصطفى المختار، القدوة المثلى في العمل لحسن الخاتمة وعدم الركون إلى هذه الدار، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأبرار، وتابعيه الأخيار، إلى يوم البعث لدر القرار.

أما بعد:

أيها الناس! {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

عباد الله، إن مقام عبودية الإنسان لله جل وعلا وسام عز لا ينتهي، وزاد شرف لا ينقضي، فلا تحده الليالي والأيام، بل ولا الشهور والأعوام، إنه يبقي ما بقي الإنسان في كل زمان ومكان.

وإن شر ما بليت به النفوس يا عباد الله! الغفلة عن هذا المقام العظيم، والتفريط في جنب الإله الكريم، والرب الرحيم، وما يسببه ذلك من انشغال وانغماس في الدنيا، ونسيان للموت والدار الآخرة، فيقع المفرط في مغبة تفريطه، وقد يصاب بسوء الخاتمة والعياذ بالله.

وإن في مرور الليالي والأيام لعبراً، وفي تصرم الشهور والأعوام لمزدجراً، وإن مواعظ الزمان أبلغ من مواعظ فصيح اللسان، ومن أُعطي البلاغة والإبداع والبيان؛ ولكن ما يحس بذلك إلا الكيس الحازم العاقل العازم الذي ينشد حسن الخاتمة، ويعمل لساعة الاحتضار الحاسمة.