للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن والسنة يحذران من الشرك بالله]

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله إلى الناس كافة فأشاد صرح التوحيد وأعلى مناره، وطمس الشرك ومحا آثاره، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وأطيعوه وأنيبوا إليه وأسلموا له، واحذروا من الشرك فإن الشرك محبطٌ للأعمال مفسدٌ للأحوال، وأهله أشطن وأشر وأظل مَن على وجه الأرض، قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١] وقد كثرت الأدلة الشرعية على التحذير من الشرك وما يجره على العباد من خزي وعذاب يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء:٤٨] وفي الآية الأخرى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:١١٦] ويقول عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣] ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:٦٥] ويقول: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:٨٨] ويقول سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣].

وفي الحديث الصحيح في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اجتنبوا السبع الموبقات: وذَكَرَ أولها وأكثرها وأشيعها، وهو: الشرك بالله عز وجل} والموبقات: هي المهلكات.

وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار}.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {مَن مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار} رواه البخاري.

وإن مما يَحُزُّ في النفس -مع عظيم هذا الوعيد- ما نشاهده ونلمسه في كثير من البقاع من انتشار الشرك بالله وعبادة غير الله من مثل القبور والتواصي بها وسؤالها قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وشفاء المرضى، وإدرار الرزق وغير ذلك من الأمور التي لا يملكها إلا الله عز وجل.

فاتقوا الله -عباد الله- وحققوا توحيده قولاً وعملاً واعتقاداً، واحذروا الشرك أكبره وأصغره؛ تُقْبَلُ أعمالُكم، وتُغفَر زلاتكم، وتصلح أحوالكم في الدنيا والآخرة.

عباد الله: صلوا وسلموا على محمد بن عبد الله أكمل الخلق توحيداً كما أمركم الله بذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ على محمد وآله وصحبه، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر الصحابة والتابعين، اللهم ارضَ عنا معهم برحتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل -اللهم- ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم أيد بالحق إمامنا وعلماءنا وولاة أمرنا، اللهم أعزهم بالإسلام، اللهم حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكرِّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، واجعلهم من الراشدين، اللهم اجعلهم صالحين مصلحين هادين مهتدين يا رب العالمين!

اللهم عليك بأعداء الدين أينما وُجِدوا وحيثما حلوا، اللهم عليك بهم عاجلاً غير آجل، اللهم اجعل الدائرة عليهم، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم مُنَّ على المسلمين بصلاح قاداتهم وعلمائهم وشبابهم ونسائهم يا رب العالمين!

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم وَلِّ علينا خيارنا، وارزق ولاة أمرنا البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر يا رب العالمين!

وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.