أيها المسلمون حجاج بيت الله الحرام! إن أوجب الواجبات عليكم تحقيق التوحيد، وإخلاص العقيدة، وتنقيتها من شوائب الشرك والبدع والخرافات، فإن من يقع في الشرك بالله عز وجل فلا ينفعه عمله ولا يجزئ حجه؛ لأنه ليس على أصلٍ ثابت من العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة.
ومن الواجبات -أيضاً- إخلاص العمل لله عز وجل، وابتغاء المسلم بحجه وجه الله والدار الآخرة، وليحذر الحاج -كل الحذر- أن يريد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة والمباهاة.
عباد الله! يقول الله عز وجل:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:١٩٧]، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:{من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه} أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} متفق عليه.
{وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور} متفق عليه.
من هذه النصوص المباركة يتبين أن الحج المقبول عند الله هو الحج المبرور الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية من الرفث والفسوق والجدال بالباطل.
والرفث يا عباد الله! فُسِّر بالجماع قبل التحلل من الإحرام، ويلحق بذلك كل كلام فاحش.
أما الفسوق: فهو العصيان؛ ويدخل في ذلك جميع المعاصي من الظلم والسب وإيذاء المسلمين بغير حق، والسخرية والكذب والغيبة والنميمة كما يدخل فيه إيذاء المسلمين والحجاج بالقول أو بالعمل، بالمشاعر والطرقات، وفي الطواف والسعي، وحين رمي الجمار وفي غير ذلك من الأماكن، كما يدخل فيه مزاحمة المسلمين والتعرض لأذاهم، ويدخل فيه -أيضاً- كل ما يدعو لجلب الفوضى والإخلال بالأمن واستغلال موسم الحج لغير ما شرعه الله وسنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم.