يجب علينا أن نستعد لهذه الحقيقة يا من قصرنا في معاملاتنا، أكلنا الربا، وتساهلنا في الرشوة، ووقع بعضنا في الخيانة، يجب علينا أن نستعد لهذه الحقيقة يا من بخلت بزكاة مالك، ويا من ضيعت عمرك ووقتك عبر محرم من المحرمات أغنيات ماجنة، أو منظر محرم، أو فيلم يذكي فيك الغريزة، ويبعدك عن ربك، ألم تعلم أن أوقاتك محسوبة عليك، وأن ساعاتك مدونة عليك، وأن الله سائلك عن كل دقيقة؟ الوقت يمر، الوقت يمضي، فعليك أن تتزود من محطة من المحطات التي ينبغي أن تتزود فيها من الأعمال الصالحة، لا يمر علينا العمر هكذا، لا تمر علينا هذه الأعمار نمسي ونصبح ونحن في عجلة من الزمن لا ندري إلى أين نحن صائرون، ألا نعتبر بما يقع من الحوادث والكوارث عند الناس، نسمع هكذا أن فلاناً مات، وأن فلاناً انتقل من هذه الحياة، ألا نصور أنفسنا مكانهم؟! ثم نعلم أننا محشورون، وقائمون أمام الله عز وجل في موقف عظيم، وقبله موصدون وموضوعون في حفرة ضيقة لا أنيس فيها إلا العمل الصالح، هل سأل الإنسان نفسه هذه الأسئلة؟ فإن ذلك يدفعه إلى العمل الصالح أن يقول خيراً، أن يحب الخير للناس، أن يطهر قلبه من الأحقاد والضغائن والحسد والغيبة والنميمة، أن تتقي المرأة ربها، فتلتزم بحجابها وعفافها وحيائها وحشمتها، وبعدها عن الاختلاط بالرجال وإبداء الزينة أمامهم، كل هذه أمورٌ ينبغي أن نستعد بها وفيها أمام ربنا جل وعلا.
هذه القضايا الثلاث أيها الإخوة الكرام: قضية العبادة، وقضية الوحدانية والربوبية، وقضية الموت والنهاية، كل تلك قضايا تضمنتها هذه الآية العظيمة، وهي آية كريمة ينبغي أن نقف عندها طويلاً، وأن نعرض أنفسنا وأعمالنا وأقوالنا عليها، وأن ننظر في أنفسنا، وأن نحاسبها: هل نحن حققنا هذه الأمور أم نحن قصرنا فيها؟
وحري بالعبد وعلى من علم عظمة الله، وعلم قدرة الله، وعلم واجبه تجاه ربه جل وعلا، وشكر نعمة الله عليه الذي خلقه ورزقه وحباه وكلأه وهيأ له النعم؛ أن يقوم في هذه الأيام بعبادة الله، فإن العمر قصير، آجالٌ محدودة، وأنفاس معدودة، أجل مقسوم، ووقت محسوم، ثم بعد ذلك سؤالٌ وحشرٌ ونشرٌ وجنةٌ أو نارٌ، عذاب ٌلا نعيم بعده، أو نعيمٌ لا عذاب بعده.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياكم ممن حقق هذه الأمور كلها بمنِّه وكرمه، كما نسأله تعالى بأسمائه الحسنى أن يرزقنا حسن عبادته، وأن يرزقنا القيام بها على الوجه المطلوب، كما نسأله تعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا وإسرافنا في أمرنا، وأن يتوب علينا إنه جوادٌ كريم، كما نسأله تعالى أن يوفقنا للاستعداد للقائه، وأن يحسن خاتمتنا وعاقبتنا، وأن يصلح فساد قلوبنا وأعمالنا إنه جوادٌ كريم، ونسأله تعالى أن يجمعنا بكم دائماً وأبداً على طريق الخير والحق والإرشاد والتذكير، والتعاون على البر والتقوى، ونسأله تعالى أن يجمعنا بكم في دار كرامته كما جمعنا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك.
شكر الله لكم حضوركم وإنصاتكم، وبارك الله فيكم، وشكر الله لإخواننا المسئولين في الخطوط السعودية الذين أتاحوا لي هذا اللقاء الطيب المبارك، والذين ترك بعضهم أعماله، وأتى وشرفنا في هذا اللقاء الأخوي، شكر الله للجميع، وجعل ذلك في موازين الأعمال، وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.