للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عظيم النعمة بإكمال الشريعة]

الحمد لله الذي منّ علينا بهذا الدين، أكمله لنا، وأتمه علينا قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨] ورضيه لنا شرعةً ومنهاجاً: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣].

أحمده تعالى وهو للحمد أهل، وأشكره وقد وعد الشاكرين بالزيادة والفضل، أشهد أن لا إله إلا الله، بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة، وبيَّن لها طريق الحق وأمرها بسلوكه، وحذَّرها من طرق الضلالة والغواية، وجاهد في الله حق جهاده فصلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، الذين استقاموا على سنته، ودعوا إلى ملته، ومن سار على نهجهم ولزم هديهم، ودعا بدعوتهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى، واشكروا نعمة الله عليكم بهذا الدين الحق، الذي بعث به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ليظهره على الدين كله ويهيمن عليه، فأخرج الله به الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان والإسلام، وأنقذهم من حياة الشرك والظلم والجهل والبغي، بعد أن كانت العقول مكبلةً بالجهالات والأوهام، والنفوس جامحةً إلى الظلم والبغي والوثنية، حتى منّ الله على المؤمنين ببعثة هذا النبي الهادي الأمين، بعثه بالعلم والهدى، فدعا إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وإخلاص العمل له، دعا إلى أن يُعلِّق الإنسان آماله بالله، وبالله وحده، فيتوجه إليه عند الدعاء، ويقصده عند طلب النفع ودفع الضر، وتفريج الكروب، وكشف الخطوب، وشفاء المرضى، وقضاء الحوائج، ولا يملك ذلك إلا الله وحده، وإذا وحد المعبود، توحدت القلوب واجتمعت الكلمة وزالت الضغائن والأحقاد.

كما دعا عليه الصلاة والسلام إلى لزوم الكتاب والسنة، والوقوف عند ما شرعه الله ورسوله، وحذَّر أمته كل الحذر أن تزيغ عن ذلك فتهلك، أو تتبع الأهواء فتضل.

أمة الإسلام: لقد جاء هذا الدين، بخيري الدنيا والآخرة، قاصداً مصلحة العباد في المعاش والمعاد، شاملاً لكل متطلبات الحياة إلى قيام الساعة، فمن تجرأ على التعرض له، أو النيل منه، ورميه بالقصور، والعجز عن حل المشكلات المعاصرة، فقد حاد الله عز وجل، ومن حاده سبحانه؛ فهو الذليل المهين.