للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرجوع إلى الله هو المخلص من الفتن]

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى هداه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، واشكروه جل وعلا على ما هداكم للإسلام، واعلموا رحمكم الله أن الإسلام أوجب على أتباعه التواصي بالحق والدعوة إليه والتعاون عليه، وتشجيع مجالات الخير في المجتمع، وإغلاق منافذ الشر فيه.

وإننا لنحمد الله ونشكره على ما هدانا للإيمان، وأبان لنا الحلال والحرام، ورزقنا التمسك بشريعة الإسلام في وقت ضل فيه كثير من الناس، نسأل الله أن يثبتنا على الإسلام.

وإن من التحدث بنعم الله ما وفق الله إليه قيادة بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- وعلماءها -وفقهم الله- من اتخاذ المواقف الصامدة من هذا المؤتمر المشبوه وما على شاكلته، وهو موقف ينبغي أن يذكر فيشكر، وإلى مزيد من المواقف الصامدة في نصرة الحق وأهله، ودرء الباطل وأهله، والشكر موصول لمسديه سبحانه، أن أفشل خطط ونتائج ومؤامرات الأعداء، وجعل كيدهم بينهم فيما سعوا إليه، من إباحة الإجهاض والشذوذ عياذاً بالله، لكنهم سيسعون جاهدين إلى الدعوة إلى الباطل، ولن يكون هذا المؤتمر آخر سهامهم، فلنكن على حذر وفطنة يا عباد الله، ولقد أثبت هذا المؤتمر أن في الأمة يقظة وصحوة بحمد الله، فهي لن تقبل شيئاً يخالف دينها وقيمها وأخلاقها.

أيها المسلمون: وإذا كانت الأمة تعيش عصر الفتن التي أقبلت كبحر خضم قد تلاطمت أمواجه، وليل داج قد ادلهم ظلامه، وسيل جارف قد انعقد غمامه، فلا مخلص من الفتن إلا بالاعتصام بالله، والالتجاء إليه سبحانه، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والرجوع إلى علماء الشريعة، والتلاحم معهم، والتحلي بالصبر والرفق والتثبت والتعقل والحكمة، والبعد عن مسالك العنف والمواجهة، وكف اللسان عن الخوض فيما لا يعني، وعدم الانخداع بالأبواق الناعقة التي يريد أصحابها الاصطياد في الماء العكر، وجر البلاد والعباد إلى فتن لا يعلم عواقبها إلا الله، ثم الدعاء الدعاء والاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن هذه البلاد المباركة خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة بمنِّ الله وكرمه.

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى، كما أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.