للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوحيد أصل الدين وأساسه]

أما الأول: فلا يرتاب مسلم أنه أصل الدين وأساسه، وأنه أول دعوة رسل الله عليهم الصلاة والسلام، وكفى بذلك عنايةً به ورعايةً له، فيجب على المسلم الناصح لنفسه المبتغي نجاتها وسلامتها من عذاب الله، أن يلتزم في هذا الجانب منهج سلف هذه الأمة، أهل السنة والجماعة، إمامهم في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولاسيما فيما يتعلق بتوحيد العبادة، وتوحيد الأسماء والصفات، فيفرد الله بالعبادة بجميع أنواعها، ويحذر أن يشرك معه غيره، كائناً من كان، فإذا كان الملائكة والأنبياء والصالحون لا يستطيعون دفع ضرٍ أو جلب نفع، فأين عقول الناس، الذين علقوا آمالهم بالجمادات، والتمسوا منها جلب الخير ودفع الشر؟

إنه لمن الغريب حقاً، أن تعبث الأوهام والخيالات بعقول الناس إلى هذا الحد، في عصور الحضارة والتقدم العلمي.

وإنه لمن المؤسف جداً، أن أعداء الإسلام قد تمكَّنوا من صرف كثيرٍ من الناس، عن جوهر الإسلام وصفائه ونقائه، وإشغالهم بالأمور الوهمية، والأشياء الخيالية، والشكليات الجاهلية.

أما ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، فالواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مما دل عليه الكتاب والسنة، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ولا تكييفٍ ولا تمثيل، عملاً بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١].

كما يجب على المسلمين، أن يحققوا الإخلاص لله، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يقفوا عند حدود الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحذروا كل الحذر من الغلو والزيادة والجفاء والتقصير، فكل خيرٍ وهدى في اتباع النبي المصطفى، وكل شرٍ وبلاء في تنكب طريقه، والعدول عن نهجه، ولا يزال الناس بخيرٍ ما تمسكوا بالسنة، وابتعدوا عن الأمور المحدثة، لا سيما في أمور العقائد والعبادات؛ لأنها توقيفية، لا تخضع لمستحسنات عقول البشر وأهوائهم، ولا يحتج فيها بأفعال الناس وعاداتهم المخالفة للكتاب والسنة.

ولذا فلا يجوز لأحد أن يخصص شهراً من الشهور، أو ليلة من الليالي، أو يوماً من الأيام بعملٍ شرعي، أو عبادةٍ من العبادات، إلا ما خصَّه الشرع المطهر، وميَّزه الدين الحنيف.