أيها الإخوة المسلمون: إنني أذكر بهذا الموضوع المهم، وتلك القضية المهمة، ونحن في هذه الأيام نعيش في وداع العام الذي تصرمت أيامه، وقوضت خيامه، وبالأمس القريب كنا نستقبله، واليوم وبهذه السرعة الخاطفة نودعه، وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعناه من أعمال، عام مضى وانقضى من أعمارنا ولن يعود إلى يوم القيامة، فهل يكون ذلك مذكراً لنا بسرعة زوال هذه الدنيا، يقول الحسن البصري رحمه الله:[[ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فتزود فيَّ بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة]] أيام تمر وتنقضي، وسنوات تفر وتنتهي، ونحن غافلون وفي ثوب السنة سادرون، والإنسان -كما تعلمون- بين مخافتين: بين عاجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وبين آجل قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه.
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل أيامنا يدني من الأجل
كل امرئٍ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها
فلا الإقامة تنجي النفس من تلفٍ ولا الفرار من الأحداث ينجيها