للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموقف الإيجابي تجاه السيرة النبوية]

إخوة العقيدة: أمة الإسلام! أمة محمد صلى الله عليه وسلم! إننا بحاجة إلى تجديد المسار، وتصحيح المواقف، والوقوف طويلاً للمحاسبة والمراجعة، نريد من مطالعة السيرة ما يزيد الإيمان، ويزكي الأخلاق، ويقوم المسيرة.

يخطئ كثيرون حينما ينظرون إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته كما ينظر الآخرون إلى عظمائهم في نواحي ضيقة محدودة بعلم أو حنكة أو عبقرية، فرسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم قد جمع نواحي العظمة الإنسانية كلها في ذاته وشمائله وجميع أموره، لكنه مع ذلك ليس رباً فيقصد، ولا إلهاً فيعبد، وإنما هو نبي يطاع ويتبع، هو مِنَّة الله على هذه الأمة.

إن من المؤسف حقاً أن بعض أهل الإسلام هداهم الله لم يقدروا رسولهم صلى الله عليه وسلم قدره، وهم يتوجهون إليه بالحب والتعظيم؛ ذلك أنه حب سلبي لا صدى له في واقع الحياة، ولا أثر له في السلوك والتطبيق.

انظر إليه عليه الصلاة والسلام في مجاري الأخلاق؛ تجده مثال الكمال في رقة القلب، وسماحة اليد وكف الأذى وبذل الندى، وعفة الضمير واستقامة السيرة وسلامة السريرة، وانظر إليه في كل جوانب حياته، في جهاده ومعاملاته، تلك لعمر الحق عراقة الخلال وكريم الشمائل، فهل من يتغنون اليوم بسيرته يقتفون أثره ويلتزمون هديه؟

إن حقاً على أهل الإسلام وهم المؤتمنون على ميراث النبوة أن تصقلهم الوقائع، وتربيهم التجارب، فلا تزال الفتن والخطوب مدلهمة على هذه الأمة، ومع مآسي أبنائها المتكاثرة وجراحاتها المتواترة فإن هذه الأمة أمة ثرية بعطاءاتها، والخير فيها مستمر إلى قيام الساعة، ففي خضم المعاناة مع أعداء الإسلام تبرز فلول من التفاؤل، وتظهر بوارق الآمال تجسدها صحوات عالمية، وانتفاضات إسلامية، وتوجهات خيرية؛ تنشد الإسلام بأصوله الصحيحة، وحقائقه الناصعة، ولقد ثبت لذوي البصائر أن رفع راية الجهاد في سبيل الله وإعلان التضحية والاستشهاد في سبيل نصرة الحق؛ هو الطريق الأوحد لإعلاء كلمة الله، وإعزاز أهل هذا الدين، وإن النزاع مع الأعداء المتسافرين نزاع عقيدة وهوية ومصير، وإن المقدسات لن تحرر برايات إقليمية، ولا شعارات طائفية، ولا مظاهر وشكليات، وذكريات واحتفالات، وإنما بشعار الإسلام، والإسلام وحده على ضوء الكتاب والسنة {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٢١].

{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:١٢٨ - ١٢٩].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبسنة سيد المرسلين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.