أيها الإخوة حجاج بيت الله الحرام: مكة المكرمة: أم القرى، مهبط الوحي، ظلت عبر التاريخ على مر القرون بناءً شامخاً، وصرحاً منيعاً، تتهاوى الدول، وتتساقط كأوراق الخريف وتحفظ مكة بحفظ الله، وتكلأ برعاية الله، رمزاً للإيمان والأخوة، وموئلاً للعقيدة الصحيحة، ومصدراً للدعوة إلى الله، ومركزاً لأعظم حضارة إسلامية، انبثقت من تلك الربى والبطاح حتى غيرت مجرى التاريخ، وهزت كيان العالم، وزلزلت كيان الوثنية، وحطمت عروش الجاهلية.
الله أكبر! مكة عبق الذكريات الخالدة، وشذا البطولات الماجدة، مكة مركز العالم، وقطب الرحى في كيان هذه الأمة، اسألوا عن ذلك التاريخ من آدم عليه السلام إلى إبراهيم حيث بناء البيت، وحيث المقام والحطيم وزمزم وهاجر وإسماعيل، إلى نبينا محمد بن عبد الله، يصدع بدعوة التوحيد الخالص لله في تلك البقاع إلى أن يعود إليها فاتحاً مظفراً، إلى الصحابة الكرام والفاتحين العظام، حتى هيأ الله للحرمين الشريفين هذه الدولة المباركة ترعى شئونهما وتوليهما العناية والاهتمام؛ إعماراً وتطهيراً، إشادةً وتطويراً، أخلص الله أعمالها، وسدد أفعالها، وجعل ما تقوم به في موازينها، وليمت الحاسدون بحسدهم، والحاقدون بحقدهم، والغائظون بغيظهم:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[آل عمران:١١٩].