للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من مشروعية الزكاة]

أمة الإسلام: لقد شرعت الزكاة لحكم عظيمة، وأسرارٍ كثيرة، ومصالح جمة، تعود على الأفراد والمجتمعات بالخير العظيم، يقول تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:١٠٣].

فالزكاة تطهر النفس من درن الشح والبخل، وتزكيها بالجود والسخاء والكرم، وهي السبيل لحصول النماء والزيادة، والبركة والفلاح والطهارة، والخلف والمثوبة، وحفظ المال، ودفع الشرور والآفات عنه بإذن الله، وفيها تثبيت للمحبة والمودة، والتكافل والإخاء بين الأغنياء والفقراء، ويشعر الفقير في المجتمع المسلم أنه أمام تعاونٍ لا تطاحن، وأمام إيثارٍ لا أثرة، وأمام مساواة وعطفٍ وإخاء، لا طبقية وعنفٍ وجفاء، وأمام مشاعر رقيقة، وقلوبٍ رحيمة أبية، لا مخالب قوية، وأنيابٍ عتية.

والزكاة ليست فريضةٍ تؤخذ من الجيوب فحسب، بل هي غرسٌ لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعاون والألفة؛ ليسمو المجتمع إلى مستوى أفضل، ومقصدٍ أنبل، وهكذا أظهرت هذه الفريضة محاسن هذا الدين، وعنايته بشئون أبنائه، وتفوقه على النظم المخالفة له من شيوعية ورأسمالية وغيرها، التي يزعم أهلها زوراً وبهتاناً أنهم كفلوا الحقوق، وأشاعوا العدل والإنفاق بين الشعوب، وهل يسمى ظلم الناس عدلاً! وبخسهم وإلغاء ملكيتهم حقوقاً! وإشاعة الطبقية بينهم إنصافاً! وهل يطلق على ابتزاز ثروات الشعوب كفالة للحقوق! وقد أدى ذلك إلى شيوع الظلم والخوف، وانعدام الأمن، وانتشار السرقة والاختلاس والسطو، وتفاقم الجرائم، وارتكاب الفقير شتى الحيل للحصول على لقمة العيش؛ لما يقاسيه من آلام الفقر والمسكنة.