الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، خاتم أنبيائه ورسله، الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حقَّ جهاده، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وراقبوه في جميع أحوالكم، وفي كل أوقاتكم، قال تعالى:{وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:١٠٢]
حجاج بيت الله الحرام: اشكروا الله على نعمه؛ حيث منَّ عليكم بالوصول إلى بيته العتيق، وقضاء معظم مناسككم بيسر وسهولة، وأمن وراحة واطمئنان.
إخوة الإسلام: إن من نعم الله علينا أن شرع لنا عبادات ومناسبات إسلامية؛ تحرك الشعور الإسلامي في المسلمين، وتزيد في طاعتهم، وتقوي إيمانهم، وتصقل قلوبهم وجوارحهم، وتنمي إقبالهم على ربهم، وتنبههم من غفلتهم، وتكون سبباً بإذن الله، لإصلاح حالهم وسعادتهم في مآلهم؛ متى ما أُدِّيَتْ على وجهها الشرعي.
وهذه المناسبات تتكرر كثيراً؛ فيعظِّمها من عمرت التقوى قلبه، ولا يبالي بها من قسا قلبه وضعف إيمانه {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج:٣٢] وتلكم المناسبات كثيرة وعزيزة في الإسلام كالصلاة -مثلا- والزكاة والصوم، والحج وغيرها من شعائر الإسلام؛ مما يمر في السنة مرة أو مرتين، أو في الأسبوع مرة، أو في اليوم والليلة خمس مرات.
وإنه ليجدر بالمسلم الذي أنعم الله عليه بالإسلام وإدراك شيء من مناسباته الفاضلة أن يستشعر أنها شُرعت لمصالح، وشُرعت لحكم عظيمة، وأن عليه أن يستفيد منها في حياته كلها، في عقيدته وإيمانه، في عباداته ومعاملاته، في أخلاقه وسلوكه.
جموع حجاج بيت الله الحرام: تعيشون في هذه الأيام المباركة مناسبة الحج إلى بيت الله العتيق، وقد منَّ الله عليكم بقضاء أغلب مناسككم ولم يبق إلا القليل، وقد مررتم بحالات ومواقف، وكلها عبر، وكلها مدكر، لمن كان له قلب حي، فياض بالإيمان.