العبادة أمر واجب، ليست أمراً اختياراً، وليست أمراً يعاد فيه إلى رغبة الإنسان، بل على الإنسان أن يقوم بتحقيق العبادة لله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦]، هذه الغاية التي خلقنا من أجلها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة:٢١] من هو؟ {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ}[البقرة:٢١ - ٢٢] هذا هو الله! {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:٢٢] يخلقكم ويرزقكم ويسخر لكم هذه النعم، فتحادونه، وتعبدون معه غيره! {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:٢٢].
فواجب العباد أن يقوموا بالعبودية لله سبحانه وتعالى، والعبودية -أيها الإخوة الكرام- وسام عزِّ، وتاج شرف، هي في الحقيقة أغلى والله من كل متاع هذه الحياة، ولهذا لما كانت أشرف وسام، كان النبي عليه الصلاة والسلام وهو أشرف الخلق ينادى بأشرف نداء وهو نداء العبودية لله قال تعالى:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً}[الجن:١٩] وقال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء:١] وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}[الفرقان:١] نعم هذا هو الوسام العظيم الذي ينبغي أن نتشرف بحمله في عبوديتنا لله عز وجل، وفي ذلك العز لنا والسعادة، والخيرية لنا في الدنيا والآخرة، ولهذا الذين يدَّعون أنهم يرفعون شرف النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته بالتشييد وغيره هم في الحقيقة أخطئوا ما هو أهم من هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ناداه ربه بأشرف نداء وهو نداء العبودية لله.