للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العبادات توقيفية]

الحمد لله وكفى، وأشهد أن لا إله إلا الله المعبود المرتجى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه التي لا تُعد، وعلى إحسانه الذي لا يُحد.

ثم اعلموا عباد الله! أن لربكم عليكم حقاً عظيماًَ، ما خلقكم ورزقكم في هذه الحياة إلا لأدائه والقيام به، فاجتهدوا رحمكم الله في أداء هذا الأمر مدة حياتكم، فإن الموت يأتي بغتة.

أيها الإخوة في الله: إن المسلم الحق لا يعتمد في دينه وعبادته لربه إلا على ما صح النقل فيه عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وخاصة فيما تضاربت فيه الأقوال وكثر فيه الاختلاف، فدين المسلم أعز شيء عنده، فجدير به أن يحفظه عن النقص أو الزيادة.

يا عباد الله: وإنكم في شهر من أشهر الله، قد انتشر بين سواد الناس أن لبعض أيامه ولياليه خصوصية على غيرها من أيام العام، ولها من المكانة والفضيلة ما يجعلهم يَقُوْمُونَها ويُحْيُونَها.

ولما كانت العبادات توقيفية لا دخل للرأي والهوى فيها، فإن كل تخصيص لا بد له من مخصص صحيح، يُؤخذ من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالحق ما جاء فيهما، والدين ما أُخذ منهما.

ولم يصح في فضل ليلة من ليالي هذا الشهر حديث عند المحققين، ولو صحَّ فلا يقتضي ذلك تخصيصها بعبادة لم يفعلها القدوة صلى الله عليه وسلم.

فاتقوا الله عباد الله! واحذروا الغفلة عن الله والدار الآخرة، وتحرروا من التقليد الأعمى في أمر الدين والدنيا، وتخلصوا من الآثار والأغلال التي ما أنزل الله بها من سلطان تكونوا من المفلحين.

وصلوا وسلموا على من بلغ رسالة الله أجل بلاغ، وبينها أكمل بيان، فلم يترك نبينا محمداً خيراً إلا دل عليه وأمر به، ولا شراً إلا حذر منه ونهى عنه كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك، يا أرحم الراحمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين, واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا رب العالمين!

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رُشد، يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُذَل فيه أهل معصيتك، ويُؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء!

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، اللهم أصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

اللهم أقر أعيننا بصلاح أحوال المسلمين في كل مكان، يا رب العالمين!

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك، والمستضعفين في أرضك، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم انصرهم وسددهم وثبتهم، يا رب العالمين!

اللهم بارك لنا في جميع الشهور والأعوام، وبلغنا بمنك وكرمك شهر رمضان، يا رب العالمين!

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.