للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب إقامة الصلاة جماعة]

وقد جاء عن جملة من الصحابة والتابعين أن من ترك صلاة فرض حتى يخرج وقتها متعمداً، فهو كافرٌ مرتدٌ عن الإسلام، ومما ينبغي التأكيد عليه أن هذه الصلاة، لا بد أن تكون في بيوت الله مع جماعة المسلمين، لقوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣] ولقوله سبحانه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء:١٠٢].

فأوجب سبحانه وتعالى الصلاة مع الجماعة في حال الحرب والقتال، فكيف بحال السلم والأمن، ولو كان أحدٌ يعذر في ترك الصلاة جماعةً؛ لكان المصافّون للعدو المهددون بهجومه عليهم، المشاركون في معامع القتال أولى بأن يسمح لهم، فكيف بحال من هو آمن صحيح سليم معافى!

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {لقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجالٍ معهم حزمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار}.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه {أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب} مع أن هذا رجلٌ أعمى ليس له قائدٌ يقوده إلى المسجد.

وفي رواية: أن بيته بعيدٌ عن المسجد، وأن الطريق إليه مليء بالسباع والهوام، ومع كل هذا؛ لم يرخص له في ترك الجماعة؛ فكيف بحال المبصرين الآمنين القريبين الأصحاء!

وفي صحيح مسلم -أيضاً- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [[من سره أن يلقى الله غداً مؤمناً، فليحافظ على هذه الصلوات الخمس، حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم]] إلى أن قال رضي الله عنه: [[ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها- يعني: الصلاة مع الجماعة- إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف]] وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولكنه لا يشهد الجمعة والجماعات، فقال: [[هو في النار]].