للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضائل وأحكام عيد الأضحى المبارك]

فيا إخوة الإسلام في بلد الله الحرام: ويا حجاج بيت الله الكرام! إخوة الإيمان في مشارق الأرض ومغاربها! أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فهي وصيته سبحانه للأولين والآخرين من عباده، يقول عز من قائل: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١]

عباد الله: حجاج بيت الله! أتدرون ما يومكم هذا؟

إنه يوم عيد الأضحى المبارك الذي عظم الله أمره، ورفع قدره، وسماه يوم الحج الأكبر؛ لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسكهم، يرمون جمرة العقبة ويذبحون هداياهم، ويحلقون رءوسهم، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة، في هذا اليوم المبارك ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى بعدما وقفوا الموقف العظيم يوم عرفة، ورفعوا أكف الضراعة، وذرفوا دموع التوبة والإنابة، وتضرعوا إلى من بيده التوفيق والإجابة، ثم أفاضوا إلى المزدلفة، وباتوا بها اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل: {خذوا عني مناسككم}

هذا اليوم المبارك -يا عباد الله- جعله الله عيداً يعود بخيره، وفضله، وبركته على المسلمين جميعاً، حجاجاً ومقيمين، في هذا اليوم يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح هداياهم وضحاياهم، اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد نحر صلى الله عليه وسلم الهدي بيده الشريفة، في حجة الوداع ثلاثاً وستين بدنة، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر}.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! والله أكبر الله أكبر ولله الحمد!

أيها المسلمون: لقد ورد الفضل العظيم والثواب الجزيل لمن أحيا شعيرة الأضاحي في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم حيث قال: {ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بأظلافها وقرونها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، فطيبوا بها نفسا} رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجة.