أيها الإخوة في الله: على ثرى بغداد ولد الإمام ونشأ وترعرع، ومن أصلٍ عربيٍ أصيلٍ انحدر نسبه رحمه الله، وعلى عصامية اليتم تربى ودرج في صباه مما ساعد على سمو نفسه وعلو همته، ونمو مداركه وتعرفه على أحوال مجتمعه، وكانت بغداد آنذاك ليست كما هي في عقب الزمان والله المستعان، حيث كانت حاضرة العالم الإسلامي، ومهد العلوم والحضارة، تموج بأنواع الفنون والمعارف، وتزخر بشتى الأفكار والعلوم، وعصره عصر نضوج الفقه وظهور الفقهاء، واشتداد الجدل الفكري بين العلماء، مع عدم استقرار الحالة السياسية، وكثرة الفتن مما ساعد على حسن توجه الإمام رحمه الله، فاتجه إلى تحصيل العلم ولزوم السنة، فلم يحرض على فتنة، ولم يواجه ذا سلطان مع قوة في الحق، وحبٍ للخلق، وذبٍ عن السنة وتحذيرٍ من البدعة.