للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة إلى تحديد النسل مؤامرة ودسيسة]

وبذلك يعلم كل ذي بصيرة أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للنصوص الشرعية والفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، والقائلون بذلك هم فئات حاقدة على الإسلام والمسلمين، وإن كانوا من بني جلدتنا ويتكلمون بلغتنا، فالأمر لا يعدو كونه دسيسة كفرية ومؤامرة عدوانية تستهدف تقليل نسل الأمة الإسلامية، والزج بها في أعمال الجاهلية والأخلاق البهيمية الشهوانية، ليتحقق للقوى الاستعمارية ما تصبو إليه من إضعاف الكيان الإسلامي، وتلك سلسلة من مؤامرات في ثوب مؤتمرات، تهدف إلى تشكيك المسلمين بدينهم وقيمهم، ونشر الإباحية والعلاقات الجنسية المحرمة بينهم، بدعوى الحرية الشخصية تارة، وبدعوى المساواة والتقدمية والمدنية تارة، وبدعوى الحد من الانفجار السكاني تارة ثالثة، وتلك وغيرها من الدعاوى المزركشة، شنشنة معروفة من أخزم يغلف بها أصحابها مؤامراتهم العدائية ضد أبناء الأمة الإسلامية.

لكن يا ليت قومنا يعلمون ويدركون أبعاد المؤامرة الشرسة ضد دينهم وقيمهم وأخلاقهم، حتى لا ينخدع أبناء المسلمين بركب الباطل مهما طقطقت براذينه، نقول ذلك وقد تابعت الأمة الإسلامية عبر أسبوعين مضيا على وجل وحذر شديدين أعمال ومداولات ونتائج وتوصيات وقرارات ما سمي ظاهراً بـ (المؤتمر الدولي للسكان والتنمية) الذي طالعنا بأفكار غريبة تتناقض مع ما جاءت به الشرائع السماوية، وما تعارف عليه الناس من القيم الأخلاقية، مما يؤكد أنه مخطط إجرامي من الدول الصليبية والصهيونية العالمية؛ للإطاحة بالعفة والطهارة والأخلاق والقيم في بلاد المسلمين.

إن المتابع لمثل هذه الأعمال العدائية والمؤتمرات الاستفزازية يعجب وهو يرى كيف يجرؤ أولئك القوم على استفزاز مشاعر الأمة الإسلامية، على سمع العالم وبصره!

وإننا لنتساءل ماذا يريد هؤلاء؟!

ومن المستفيد من عقد مثل هذا المؤتمر المشبوه؟!

ومن يقف وراءه؟!

وهل وعت أجيالنا التي لا زال كثير منها سادراً في التيه والانحراف عظم المؤامرة؟!

وبأي حق يفرض على الشعوب الإسلامية ما يخالف شرع الله؟! فالأمر أمره والشرع شرعه ولا يحق لأحد كائن من كان فرداً أو هيئة أو منظمة أو دولة أن يتطاول على شرع الله ويلزم الناس بغيره، والذي يقال بصراحة: لا وألف لا لكل ما يعارض شرع الله، ويجر البلاد والعباد إلى فتن لا يعلم عواقبها إلا الله.

لقد أساء أولئك القوم التدبير وأخطئوا التقدير وقالوا بالباطل والتزوير، وجانبوا الحق والتنوير، أما يكفي زاجراً ويشفي واعظاً ما تعيشه المجتمعات المخالفة لشرع الله من انتشار الفواحش والأمراض المستعصية؟! فكيف بالدعوة إليها والسعي إلى نشرها بين المسلمين؟! {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:١٩].

إن المعاناة الاقتصادية والأخلاقية، التي يعيشها كثير من المسلمين اليوم، لا مخلص منها إلا بالإيمان بالله، والتوكل عليه سبحانه، ثم تنمية الموارد وترشيد الإنفاق، وعدالة توزيع الثروات وعدم تبديد الطاقات فيما لا ينفع الأمة، والعيب عيب الأنظمة الجائرة، وإلا فأرض الله واسعة وخزائنه ملأى، ولا تزال الخيرات في باطن الأرض وظاهرها مكنونة، فأين المستثمرون؟ ولو أن المليارات التي تنفق في سباق التسلح وشن الحروب على المستضعفين، حولت إلى مشاريع إغاثية واستثمرت لصالح البشرية لما حصل ما شنشنوا حوله، والذي يؤكد في هذا المقام ضرورة أخذ الحذر من مخططات ومؤامرات أعداء الإسلام ضد دين الأمة وقيمها وأخلاقها، والعناية بالأسرة، وتربية النشء على العفة والفضيلة، والحرص على كثرة نسل الأمة الإسلامية.

وإنه في الوقت الذي نستنكر ذلك ندعو قادة المسلمين وعلماءهم وشعوبهم وكافة المنظمات والهيئات الإسلامية، أن تتقي الله في مسئولياتها، وتتعاون فيما بينها لوضع مشروعات بديلة لمعالجة قضايا التنمية على ضوء شريعتنا الإسلامية وأخلاقنا الفاضلة، والله المسئول أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يكفينا شر أعدائنا، ويفشل مؤامراتهم ومؤتمراتهم بمنه وكرمه، إنه جواد كريم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:٢٠٨].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.