للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقفة محاسبة مع رحيل رمضان]

عباد الله: متى يُغفر لمن لم يُغفر له في هذا الشهر؟! ومتى يُقبل من رُدَّ في ليلة القدر؟!

أورد الحافظ ابن رجب رحمه الله عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من رمضان: [[يا ليت شعري مَن المقبول فنهنيه، ومَن المحروم فنعزيه]].

أيها المقبولون: هنيئاً لكم، أيها المردودون: جبر الله مصيبتكم، ماذا فات مَن فاته خير رمضان؟! وأي شيء أدرك مَن أدركه فيه الحرمان؟! كم بين مَن حظه فيه القبول والغفران؟! ومَن حظه فيه الخيبة والخسران؟! متى يصلح مَن لم يصلح في رمضان؟! ومتى يصح مَن كان فيه مِن داء الجهالة والغفلة مَرَضان؟!

ترحَّل الشهر والَهْفَاهُ وانصرما واختص بالفوز بالجنات مَن خَدَما

فيا أرباب الذنوب العظيمة: الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فمن أُعتق فيها من النار فقد فاز والله بالجائزة العظيمة، والمنحة الجسيمة، أين حَرَق المهتمين في نهاره؟! أين قلق المجتهدين في أسحاره؟!

فيا من أعتقه مولاه من النار: إياك ثم إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار! أيبعدك مولاك من النار وأنت تقترب منها؟! وينقذك وأنت توقع نفسك فيها، ولا تحيد عنها؟! وهل ينفع المفرط بكاؤه وقد عظُمت فيه مصيبته وجل عزاؤه؟!

فبادروا يا رعاكم الله! فلعل بعضكم لا يدركه بعد هذا العام، ولا يؤخره المنون إلى التمام، فيا ربح من فاز فيه بالسعادة والفلاح! ويا حسرة من فاتته هذه المغانم والأرباح!

لقد دنا رحيل هذا الشهر وحان، ورب مؤمِّل لقاء مثله خانه الإمكان، فاغتنم -أيها المفرط- في طاعة المنان الفرصة قبل فوات الأوان، وتيقظ -أيها الغافل- من سِنَة المنام، وانظر ما بين يديك من فواجع الأيام، واحذر أن يشهد عليك الشهر بقبائح الآثام، واجتهد في حسن الخاتمة، فالعبرة بحسن الختام.