للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النجاة كل النجاة في الاعتصام بالكتاب والسنة]

أمة الإسلام! إن المرحلة الخطيرة التي يمر بها المسلمون اليوم سببها ضعف ولائهم لعقيدتهم، وتفريطهم في متابعة رسولهم صلى الله عليه وسلم.

إن مما يؤسف كل غيور على دينه أن تكون فئام من الأمة يسيرون دون تحقيق ولا اتباع، والله إنها لأحوال مبكية وأوضاع مزرية، هؤلاء مسئولية من أيها المسلمون؟! على ماذا يحيون؟! وعلى ماذا يموتون؟!

والويل لمن حيا ومات على غير سنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلى متى تستمر الغثائية التي أثقلتها التكاليف الشرعية فعمدت إلى مظاهر محدودة، وعاطفة مشبوبة، دون تأصيل ولا منهجية؟!

إلى متى يستمر بعض المسلمين يعيشون حياة الادعاء للإسلام والتسمي به دون تحقيقه في عقيدة واتباع؟!

ماذا جنت الأمة من تمييع القضايا العقدية، وإذابة شخصيتها الإسلامية في تعتيمات وغمومات؟!

نعم.

كانت ولا زالت سبباً فيما وصل إليه حالها، فالله المستعان!

أمة الإسلام: بهذه المعالم الواضحة، والمقومات الظاهرة في قضية الاتباع، يستطيع كل ذي لب وبصيرة، ويتأهل كل ذي عقل رشيد ورأي سديد، أن يحكم على ما جدّ في حياة الناس اليوم، وما أحدث في مجتمعاتهم، فيدفعه ذلك إلى التمسك الصحيح بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ففيهما السلامة والعصمة.

إن الاعتصام بالوحيين قضية عقدية منهجية لا تخضع للتغييرات الجغرافية الضيقة، ولا النظرات الإقليمية المحدودة، بل إنها تتجسد بعيداً عن التعصب المذهبي والتحزب المنهجي الذي يسلكه بعض من قل فقهه وآثر الهوى على الهدى.

إن أمة الإسلام اليوم بحاجة ماسة إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن أصبحت غرضاً للسئام، وطعمة للئام، وعبثاً للأقزام، وما هذه الحروب والويلات والتحديات والمؤامرات حتى استحلت المقدسات، وتُحِكمت في كثير من المقدرات؛ إلا دليل على ذلك، وإن تخلي كثير من أبناء المسلمين عن عقيدتهم، وتأثرهم بقيح شعارات براقة، وصديد ثقافات نافذة؛ أخرج أجيالاً بعيدة الانتماء عن مصدر عزها وسعادتها، وينبوع مبادئها وقيمها ومثلها، فلماذا كل هذا -أيها المسلمون- كأن لم يكن بيننا كتاب وسنة!

بأيديهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات

ولقد كان سفلنا الصالح رحمهم الله يعظمون أمر السنة، وكانوا شديدي التمسك بها.

يقول الزهري رحمه الله: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة.

الله أكبر! وبعد يا حماة السنة! كيف هي الحال؟ لقد خلفت قلوب تعرف منهم وتنكر.

فلنتقي الله يا عباد الله، ولنروض أنفسنا على الاعتصام بالكتاب والسنة في كل الأمور اعتقاداً وقولاً وعملاً وسلوكاً وأخلاقاً، ولنحرص على إشاعتها وتعليمها والعمل بها، ودعوة الناس إليها، وتربية البيوت والأسر والنشء عليها، وإن على من أوتوا فيها حظاً من العلم ونصيباً من الفقه والفهم مسئولية كبرى في ذلك، فما ارتفعت رايات المخالفات إلا لما خلت لها الساحات، وتوارى بعض أهل الحق عن إرشاد الخلق.

فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! أبدعاً والسنة ظاهرة؟! أمحدثات والسنن واضحات؟! أيتحول دين الله في رابعة النهار لهواً ولعباً، ويترك ميراث النبوة نهباً للعوادي؟!

فالله المستعان! ولكن قد صح عن سيد البشر عليه الصلاة والسلام قوله: {لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك}.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا صدقاً في التمسك بكتابه، وحسن المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، إنه جواد كريم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.