للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من فوائد الحج]

أيها الإخوة المسلمون حجاج بيت الله الحرام: لقد دعاكم المولى جل وعلا لحج بيته الحرام لمقاصد كبرى، ومنافع عظمى، ومصالح شتى في الآخرة والأولى، يجمعها عموم قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:٢٨] ففي الحج منافع جمة دنيوية وأخروية، أساسها: إعلان التوحيد الخالص لله وحده، فلا أنداد ولا شركاء، في الحج تتجلى وحدة العقيدة ووحدة القصد والهدف والغاية، ووحدة الشعائر والمشاعر، ووحدة القلوب والقوالب، وإنه باستشعار هذه الوحدة الإيمانية يتبين للمسلم الغيور على أوضاع أمته أن الخلاف والفرقة والشتات والتنازع الذي أصاب أمة الإسلام اليوم؛ إنما هو من عند أنفسها، فجدير بأمة الإسلام التي تمثل في هذا الاجتماع الكبير أعلى صور الوحدة والتضامن والإخاء أن تستمر على ذلك، آخذةً من هذه الحكم السامية شعاراً لها في مستقبل حياتها.

أيها الإخوة: ومن الغايات النبيلة في هذا التجمع الإسلامي الكبير، إشعار المسلم بدوره في الأمة ومكانته في المجتمع، وإدراكه لمسئوليته في الصلاح والإصلاح، فهو لبنة من لبنات المجتمع المسلم يشاطره آلامه وآماله، ويعايشه أفراحه وأتراحه.

ضيوف الرحمن! وفود الملك العلام: الحج موسم عظيم، وفرصة كبرى، ومناسبة عظمى، تتجلى فيها صور المتاجرة مع الله، أرواح صافية، ونفوس نقية، وقلوب مصقولة، وصدور سليمة، واقتفاء لآثار الأنبياء والمرسلين، وما أمس حاجة الأمة الإسلامية اليوم وهي تواجه أعتى التحديات وأقطع المؤامرات، ما أحوجها وهي تتوجه هذه الأيام نحو محورها الذي يجمعها، وتلتف حول راية العقيدة الواحدة التي تتلاشى في ظلها فوارق اللغة والألوان والأجناس والبلدان، ما أحوجها أن تأخذ الدروس والعبر من هذه الفريضة العظيمة وتستيقن يقيناً لا يعتريه شكٌ ولا مراء، أنه لا يلم الشمل، ويجمع القلوب، ويوحد الكلمة إلا الاجتماع على راية واحدة لا ثاني لها، هي راية الإسلام، راية التوحيد والعقيدة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف الصالح، فلا بد من تنسيق الخطط، والإعداد وتوحيد القوى والعمل الجاد لحل مشكلات المسلمين على ضوء الكتاب والسنة، ولابد أن يعي كل مسلم دوره، ويعمل جاداً بالإسلام وللإسلام، لا سيما قادة المسلمين والزعماء، والدعاة والعلماء، والمعنيون بقضايا التربية والتعليم، والمهتمون بالفكر والرأي والإصلاح من حملة الأقلام، ورجال الإعلام.