للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الشروط ضمن العقود هي من توابعها وحينئذ يشملها دليل وجوب الوفاء - كما هو الظاهر - أما ما قيل من أن العقود هي نفس المعاهدة الواقعة بين الطرفين دون النظر للالتزامات الأخرى فلا يبدو أمرًا مستساغًا عرفًا وإنما ينظر العرف إلى مجموع الالتزامات ويرى شمول دليل الوفاء لها خصوصًا بعد تفسير العقود بالعهود.

وهنا نقول أنهم اشترطوا أن لا يكون الشرط مخالفًا لمقتضى العقد وذلك باعتبار أن شمول دليل الوفاء لمثل هذه الحالة غير ممكن لوجود مقطعين متنافيين تمامًا في هذا المضمون الذي يراد الوفاء به ولا يمكن أن يقصد العقلاء مضمونين متناقضين في آن واحد.

وهذا إنما يقتصر على التنافي بين الشرط ومقتضى ذات العقد.

أما لو كان الشرط منافيًا لإطلاق العقد مثلًا فالعقد حينئذ يبدأ مقيدًا ولا معنى لتصور التنافي فيه مطلقًا فيشمله دليل الوفاء بشكل طبيعي ودون أية عقبة ولتوضيح الأمر نقول:

أن المنافاة لمقتضى العقد يمكن أن تتصور على أنحاء:

(أ) أن يكون هناك تناف بين الشرط ومضمون العقد بالمعنى المصدري وهو مثلًا التمليك في البيع.

فلو قال: بعتك هذه العين بشرط أن لا يتحقق هذا التمليك فهذا يعني وجود تناقض في المضمون وطبيعي أن هذا أمر باطل.

(ب) أن يكون الشرط منافيًا لكل آثار العقد كأن يقول: بعتك هذا شريطة أن لا تتصرف به مطلقًا وهذا يكاد يرجع إلى الوجه السابق.

(ج) أن يكون الشرط منافيًا لأهم الآثار المنظورة في العقد بحيث يكون النظر أولًا إلى هذا الأثر كأن يشترط في عقد الزواج أن لا يتم المس الجنسي طوال حياة الزوجين.

وهنا قد يقال: إن الفهم العرفي يرى المنافاة والتناقض وإن لم يكن ذلك بالنظر الدقيق فحكمه حكم الوجوه السابقة ولكن يمكن القول بصحة هذا الشرط إذا افترضنا أن النظر الحقيقي في العقد منصب على باقي الآثار كجواز النظر في مثالنا والتعاشر تحت سقف واحد اللهم إلا أن يقال بأنه شرط مخالف للكتاب والسنة وهو أمر فيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>