للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه المعاهدات تنطبق بما ألزم الإسلام به أتباعه من الوفاء بالعهد , وأن ما يشترط في المعاهدات هو الحق والعدل والمساواة , وليس فيها إلا ما يغري من به عقل باتباع الحق والدخول في دين الله ليغمر الجميع بعدله وسماحته. ونستطيع أن نجعل ما جعله الإسلام من حقوق المعاهدين إذا نصحوا ووفوا والتزموا فيما يلي:

١ ـ حماية النفس والمال من أي اعتداء سواء من المسلم أو غيره، ووفاء الخليفة المسلم بذلك , فهذا عمر كان بالجابية وأتاه رجل من أهل الذمة يخبره أن الناس قد أسرعوا في عنبه , فخرج عمر حتى لقي رجلًا من أصحابه يحمل ترسًا عليه عنب، فقال عمر: وأنت أيضًا؟! فقال: يا أمير المؤمنين أصابتنا مجاعة، فانصرف عمر، فأمر لصاحب الكرم بقيمة عنبه. (١)

٢ ـ إذا غزا العدو بلاد المسلمين فغنم شيئًا من أموال أهل الذمة ثم أظهر الله المسلمين على عدوهم واستردوا هذه الأموال فعليهم إعادتها إلى أصحابها من أهل الذمة دون مقابل. (٢)

٣ ـ لهم الحق في المحافظة على عقائدهم الدينية وممارسة عباداتهم، وعلاقاتهم الشخصية بينهم كالزواج وغيره حسب دياناتهم (٣)

٤ ـ لهم أن يمارسوا من عاداتهم ما لا يتعارض مع آداب الإسلام العامة , فعن عبد الله بن قيس قال: كنت فيمن تلقى عمر مقدمه من الشام، فبينما عمر يسير إذ لقيه المقلسون ـ وهم الذين يلعبون بلعبة لهم بين يدي الأمراء إذا قدموا إليهم ـ من أهل أذرعات بالسيوف والريحان، فقال عمر: صه، ردوهم وامنعوهم. فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين هذه سنة العجم، وإنك إن تمنعهم منا يروا أن في نفسك نقضًا لعهدهم. فقال عمر: دعوهم. (٤)

ويظل لهم الوفاء بما كلفه الإسلام من هذه المعاملة الكريمة ما لم ينقضوا عهدهم بأمر من الأمور التي تدل على تمرد ونكوص عن أداء ما يجب عليهم من حق مالي للدولة، أو تنفذ ما يحكم به الحاكم، أو الاجتماع على قتال المسلمين منهم، أو بالتظاهر مع أهل الحرب، أو الغدر، أو انتهاك حرمة أحد من المسلمين، أو الطعن على المسلمين في دينهم أو رسولهم صلى الله عليه وسلم أو كتابهم أو ربهم سبحانه، قيل لابن عمر رضي الله عنه: "إن راهبًا يشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعطه الأمان على هذا". (٥)


(١) الأموال: ص ١٥١
(٢) موسوعة فقه عمر، دكتور محمد رواس قلعجي: ص ٣٢٤
(٣) موسوعة فقه عمر، دكتور محمد رواس قلعجي: ص ٣٢٤
(٤) الأموال: ص ١٥٢؛ موسوعة فقه عمر، دكتور محمد رواس قلعجي: ص ٣٢٤
(٥) فقه السنة: ٢/ ٦٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>