للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغنائم:

ومن الآثار المترتبة على الجهاد كذلك ما يتعلق بالغنائم.

والغنائم جمع غنيمة، وهي في اللغة ما يناله الإنسان بسعي، قال الشاعر:

وقد طوفت في الآفاق حتى

رضيت من الغنيمة بالإياب

وشرعًا تطلق الغنيمة على المال المأخوذ من أعداء الإسلام عن طريق الحرب والقتال وتشمل الأنواع الآتية:

١ ـ الأموال المنقولة.

٢ ـ الأسرى.

٣ ـ الأرض.

وتسمى ـ كذلك ـ الأنفال ـ جمع نفل ـ لأنها زيادة في أموال المسلمين (١) .

والمال المأخوذ من الأعداء كان يقسم من قبل الإسلام على المحاربين على الطريقة التي ذكرها أحد الشعراء بقوله مخاطبًا رئيس القوم:

لك المرباع منها والصفايا

وحكمك والنشيطة والفضول

فإن المرباع وهو الربع من الغنيمة، وما يستحسنه ويصطفيه لنفسه (الصفايا) ، وما يحكم به وما يقع في أيدي المقاتلين قبل الموقعة (النشيطة) ، وما يفضل بعد القسمة (الفضول) .

ولكن بعد أن من الله على الناس بالإسلام وأصبح الجهاد محكومًا بأسسه ووسائله وغاياته التي فصلنا القول فيهاـ لإحقاق الحق وإرساء قواعد العدل وإحلال السلام ـ وخاصة أن مرحلة الجهاد الفرض كانت قد سبقت بمصادرة أموال المسلمين في مكة من قِبَل المشركين وحوربوا اقتصاديًّا بالمقاطعة والمغالاة في الأسعار ـ أحل الله لهذه الأمة الغنائم، وقال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) .

وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت خمسًا لم يعطهن نبي قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وبعثت إلى الناس عامة)) .

كما إن الإسلام جعل من توزيعها ما يحقق النفع للأمة جميعًا، ففي أول تجربة مع الغنائم بعد غزوة بدر وقد ترك المشركون المنهزمون وراءهم أموالًا كثيرة , تساءل المسلمون: كيف تكون قسمة هذه الأموال؟ وكانت إجابة القرآن الكريم في أن تقسيم الغنائم يرجع إلى الله سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (٣) .


(١) فقه السنة: ٢/ ٦٧٣
(٢) سورة الأنفال: الآية ٦٩
(٣) سورة الأنفال: الآية ١

<<  <  ج: ص:  >  >>