للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن هشام: ويقال: مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة.

قال ابن إسحاق: "وأن البر دون الإثم، لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وأنه من خرج آمن، ومن قعد بالمدينة، إلامن ظلم أو أثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم" (١) .

فهذه الصحيفة التي كتبت عند قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وثيقة تحكم العلاقات بين جميع أفراد الأمة من ناحية، وبين الأمة المسلمة ورعاياها المقيمين داخل الدولة المسلمة، وبين الدولة المسلمة والدول الأخرى من المخالفين في الدين من ناحية أخرى.

لقد حددت الصحيفة عناصر قيام الأمة، وعناصر قيام الدولة، وبينت طبيعة الروابط التي يمكن أن تقوم بينها، وطبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم ممن يعيشون معهم في المدينة وهم اليهود. كما اهتمت بتنظيم عنصر السلطة والسيادة في الدولة الناشئة وحددت معالم هذه السيادة (٢) .

كما حددت الصحيفة في وقت مبكر العلاقات التي يجب أن تكون بين أهل الصحيفة وبين الوحدات الأخرى ذات الطبيعة الدولية , وأن هذه العلاقات علاقات سلم ما عدا الأعداء من قريش لما كان منهم من محاربة وعداء وإصرار على فتنة المؤمنين عن دينهم، وسلب أموالهم، ولذلك منعت الصحيفة التعامل معهم، أو إجارتهم في المدينة.


(١) السيرة النبوية، لابن هشام: ٢/ ١٠٦ ـ ١٠٨
(٢) انظر وثيقة إنشاء الدولة الإسلامية في المدينة، إعداد د. جعفر عبد السلام علي: ص ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>