للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ ـ ويضيف الأستاذ العقاد فارقًا آخر بين القرآن والكتب السابقة وذلك في صدر حديثه عن النبوة قبل سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يبين أن دعوى الاقتباس دعوى باطلة ولا محل لها، يقول رحمه الله: "نمت نبوة الإسلام نماءها الأوفى حين خلصت من دعوى الخوارق والمغيبات وهي آية النبوة الكبرى في عرف الأقدمين، وفرق الإسلام بين طريقين شاسعتين في تاريخ الأديان: طريق موغلة في القدم تنحدر إلى مهد النبوات الوثنية حيث تشتبك العبادة بالسحر والكهانة، ثم تتقدم في خطوات وئيدة يلتقي فيها الخبل باليقظة، وتختلط فيها الخرافة بالإلهام الصادق والموعظة الحسنة، وطريق تليها، موغلة في المستقبل يفتتحها صاحب النبوة الأخيرة فيعلن أنه يفند السحر والكهانة ويزري بقداسة الجنون أو جنون القداسة، ويروض بصيرة الإنسان على قبول الهداية وإن لم تروضها له روعة الخوارق ودهشة الغيب المجهول؛ لأنه يروض البصيرة الإنسانية على أن تنظر وتبصر ولا يستوي الأعمى والبصير ... " إلى أن يقول: "وأبعد شيء عن البحث الأمين أن تنعقد المقارنة بين هذ النبوة الإسلامية ونبوءات أخرى تقدمتها فيزعم الباحث أنها نسخة محرفة منها أو منقولة عنها، فإن الفارق بين نبوة تقوم حجتها على هداية العقل والضمير، ونبوءات تقوم حجتها الكبرى على الغرائب والأعاجيب لهو من الفوارق البينة التي لا يمتري فيها باحثان منصفان، ودع عنك الفارق بين نبوءة تدعو إلى رب العالمين، ونبوءة تدعو إلى رب سلالة أو رب قبيل، وربما اعترى الخطأ مقياسًا من مقاييس البحث فتساوت لديه الزيادة والنقص وتعادل أمامه الراجح والمرجوح، فإما أن يرجح النقص على الزيادة فذلك هو الخطأ الذي لا ينجم إلا من زيغ في الطبع أو عناد يتعامى عمدًا عن الشمس في رائعة النهار". (١) .


(١) حقائق الإسلام: ص ٥٨ ـ ٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>