للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الأول

المنافذ التي يدخل منها الغزو الفكري

١- آثار الغزو الفكري في الاقتصاد:

٢- يمر المسلمون اليوم بفترة من أقسى فترات التحدي الحضاري في تاريخهم الطويل، ويبلغ هذا التحدي مداه في مجال العلوم والتقنية حيث تخلفت الدول الإسلامية تخلفًا ملحوظًا، بينما تقدمت المعارف في هذين المجالين تقدمًا مذهلًا خلال القرن الحالي بصفة عامة. وفي النصف الأخير منه بصفة خاصة. مما ميز عصرنا بأنه عصر العلوم والتقنية، وهذا المجال لم تدخله الدول الإسلامية في معظمها بعد ـ أو دخلته بعضها بجهود فردية محدودة لا تكاد تساير تقدم العصر في ذلك، مما تسبب في وجود هوة شاسعة جعلت الدول الإسلامية (في زمرة الدول النامية) ، واستمرت النهضة العلمية والتقنية التي بدأت في القرن التاسع عشر في نموها، وظهرت الصناعات المتقدمة في السيارات والطائرات والصواريخ ورحلات الفضاء، كما ظهرت أقوى أسلحة الحرب وأفضل وسائل الانتقال المدنية وتطورت صناعة اللدائن والأنسجة الصناعية، وتمت ميكنة الزراعة، وتحسين المحاصيل عن طريق الأبحاث في كل من علم الوراثة وعلم كيمياء التربة. وأدخلت المخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية كأساليب جديدة في تحسين الزراعة.

وفي غمرة هذا التقدم العلمي والتقني المذهل تخلف العالم الإسلامي تخلفًا شديدًا بعد أن حمل لواء المعرفة العلمية والفكرية والصناعية لعشرة قرون كاملة (من القرن السادس الميلادي إلى مشارف عصر النهضة في القرن السادس عشر الميلادي) (١) فقد أسقطت الخلافة الإسلامية في سنة ١٩٢٤م، بعد احتلال مساحات كبيرة من أرض المسلمين. كما تم تمزيق هذا الجسد الواحد إلى أكثر من خمسين دولة متباينة المساحة وتعداد السكان، بالإضافة إلى أقليات منتشرة في كل دولة من الدول غير الإسلامية، تفوق أعدادها مئات الملايين في بعض هذه الدول.


(١) قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي المعاصر، د. زغلول راغب النجار: ص٢٣، كتاب الأمة، الطبعة الأولى صفر ١٤٠٩هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>