للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يخيل إلي القارئ، أن الراوي أبا مخنف الأزدي هو الصحابي الجليل مخنف بن سليم بن الحارث الأزدي (١) . الذي كان أميرًا على أصبهان من قبل الإمام علي رضي الله عنه، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة (٢) , ولكن بالبحث الدقيق والعميق يتضح غير ذلك، فأبو مخنف الأزدي يروي عن التابعين، فهو ليس من طبقة الصحابة، واسمه لوط بن يحيى، ويكنى أبو مخنف الأزدي، وهو حفيد الصحابي الجليل سالف الذكر، وهذا الحفيد أغفله المؤلفون وعلماء الرجال، فلم يرد اسمه ضمن الرواة الثقات أو الضعفاء (٣) , بل تركه أبو حاتم لأنه ليس من الثقات، فلا يجوز والحال هذه توثيق روايته.

كما اعتمد أعداء الإسلام في حربهم للقرآن والسنة والإساءة إليهما على كتب الأدب؛ لقد ألف الأدباء المعاجم والكتب خلال العصر العباسي، وذلك لينالوا العطاء من الأمراء واتخذوا من الخلافات والأخبار المتناقضة سبيلًا لتسلية الناس، ولهذا اخترعوا القصص والروايات، لتكون مادتهم في التسلية، فأساءوا إلى أهل الفضل والتقوى من علماء المسلمين، فمثلًا تضمن كتاب البيان والتبيين للجاحظ كثيرًا من الخطب المنسوبة إلى علي، وإلى معاوية، وفيها من التجريح وبذاءة اللسان ما يعف عنها السفهاء فضلًا عن كبار الصحابة رضي الله عنهم.

وفي مجال الأدب، نجد هناك من لازال يعتبر كتاب (الأغاني) مرجعًا وكتاب (ألف ليلة وليلة) على الرغم من محاذير الاعتماد على مثل هذا النوع من التأليف أو غيرها من كتب المحاضرات، والمسلم في حاجة دائمة إلى التذكير بمصادر هذه الكتب, ومراجعة أمر الذين قاموا على كتابتها وإعدادها، فمؤلف الأغاني رجل تصفه المصادر بالإسفاف والاضطراب، وقد وصفت خلقه وصفًا يرده عن أن يكون مصدرًا أمينًا، وكان على غير مفهوم الإسلام الصحيح، وكان من الباطنية الذين يحقدون على الإسلام، وله جوانب حسية تبعده عن استواء الطبيعة، فضلًا عن أن مصادره أيضًا قد اتهمت (٤) .


(١) راجع: تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني: ١/ ٧٨؛ وتقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني: ٢/ ٢٣٦
(٢) انظر: العواصم من القواصم: ص ١٦٣، والمصادر السابقة
(٣) سموم الاستشراق والمستشرقين في العلوم الإسلامية: ص ١٠
(٤) شرح إحياء علوم الدين، المرتضى الزبيدي: ١/ ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>