للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

مداواة الرجل للمرأة والمرأة للرجل

جعلت الأحكام الشرعية عامة، بحيث لا تنظر إلى حالة من الحالات، ولا إلى فرد من الأفراد، بل هي تنظر إلى جميع الحالات، وإلى جميع الأفراد.

إلا أن هذه الصفة قد تجعل من تطبيق الأحكام في بعض الأحيان حرجاً على بعض الناس، كما أن الإفراط في التمسك بالظاهر من النصوص يؤدي في بعض الأحيان إلى ظلم وضرر، أو كما قال الغزالي (١) : (كل ما تجاوز حده انقلب ضده) ، لذلك اقتضت حكمة التشريع التيسير على الناس، وعدم تطبيق الأحكام العامة في بعض الأحوال الاستثنائية، رفعاً للضرر، ودفعاً للمشقة.

وقد استند فقهاء الحنفية بذلك إلى (الاستحسان) ، واستند المالكية إلى التعليل بالمصالح المرسلة، ثم عارض بعض علماء الأصول بهذا الإسناد للمصلحة، أو على حد تعبير الإمام الغزالي بهذا الاستصلاح.

غير أن جمهور الفقهاء قبلوا به واستندوا بذلك إلى الكتاب والسنة، وسابقات عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- مثال ذلك في الكتاب الكريم: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٥] ، وفي الحديث الشريف: ((الدين يسر)) ، ((أحب الدين عند الله الحنيفية السمحة)) (٢) .

فهذه الأدلة وما إليها، وإن ذكرت الدين فحسب، لكنها عامة في الفقه الإسلامي؛ لأن هذا الفقه دين وقضاء في الوقت نفسه.


(١) كما نقله السيوطي في الأشباه والنظائر (ص٥٩) ، مطبعة مصطفى محمد سنة ١٩٣٦م
(٢) البخاري، وشرحه (عمدة القاري) للعيني: ١/ ٢٣٤-٢٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>