للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قال الحنابلة بحرمة تناول الحشيشة ونحوها من المخدرات.

وأما إقامة الحد على متعاطيها، فقد قال ابن تيمية: يجلد متعاطي الحشيشة كما يجلد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد.

والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

ثم قال: (وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدها، ورأى أن آكلها يعزر بما دون الحد، حيث يظنها تغير العقل من غير طرب بمنزلة البنج، ولم يجد للعلماء المتقدمين فيها كلاماً) .

وليس كذلك، بل آكلوها ينشون عنها (يعني يعاودونها مرة بعد أخرى) ، ويشتهونها، كشراب الخمر وأكثر. (١)

أدلة تحريم المخدرات:

لاحظنا مما سبق أن فقهاء المذاهب اتفقوا على حرمة المخدرات. وأضاف بعض الحنابلة (ابن تيمية) أنه يجب الحد على متعاطيها. والأصل في تحريمها ما رواه أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه بسند صحيح، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر)) (٢)

قال العلماء: المفتر: كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف.

قال ابن حجر: وهذا الحديث فيه دليل على تحريم الحشيش بخصوصه؛ فإنها تسكر وتخدر وتفتر، ولذلك يكثر النوم لمتعاطيها.

وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة.

قال ابن تيمية: ومن استحلها فقد كفر، وإنما لم تتكلم فيها الأئمة الأربعة رضي الله عنهم لأنها لم تكن في زمانهم.

وقال بعض الحنفية: يكفر من استحل الحشيش والبنج ويباح قتله.

ورد الرملي ذلك بأن لا التفات لهذا القول، ولا تعويل عليه؛ إذ الكفر بإنكار القطعيات الثابتة يقيناً من الدين، وهذا ليس كذلك. (٣)


(١) السياسة الشرعية لابن تيمية (ص ١٠٨) طبع دار الكتاب العربي بمصر؛ وينظر مطالب أولي النهى (٦/٢١٧) طبع المكتب الإسلامي بدمشق.
(٢) الحديث مضى تخريجه، وأضيف هنا: قال السيوطي وأقره المناوي: حديث صحيح، راجع الجامع الصغير (٢/١٩٣) ، وسنن أبي داود (٣/٤٤٩) .
(٣) راجع المصادر المشار إليها في الهوامش السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>