للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم التداوي بالمخدرات:

يقول العلامة (ابن عابدين) : قدمنا في الحظر والإباحة عن (التتار خانية) أنه لا بأس بشرب ما يذهب بالعقل لقطع نحو آكلة مرض جلدي كالجرب.

أقول: ينبغي تقييده بغير الخمر، وظاهره أنه لا يتقيد نحو بنج، وقيده به الشافعية، والله سبحانه أعلم.

وبالجملة يحرم تناول البنج والحشيشة والأفيون في غير حالة التداوي؛ لأن حرمتها ليست لعينها، وإنما لضررها.

هذا والموقف الآن هو: أن الخمر لم تعد تستعمل الآن كدواء، ولكن المشروبات الكحولية تدخل في صناعة كثير من الأدوية، وكذلك المخدرات.

ومن الواضح أن تعاطي المخدرات في أية صورة كانت غير هذه التي تدخل في الأدوية، يأخذ بحكم الخمر. ذلك أن دخولها في الأدوية يخرجها عن طبيعتها المحرمة، كما يقول بعض الفقهاء الأجلاء: خرج بصرفها ما عجن بها، كالترياق، فيباح التداوي به لاستهلاكها فيه.

قال الشربيني الخطيب: (١)

تنبيه: محل الخلاف في التداوي بصرفها، أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم مقامه، مما يحصل به التداوي من الطاهرات، كالتداوي بنجس كلحم حية وبول.

ويجوز تناول ما يزيل العقل من غير الأشربة، لقطع عضو. اهـ. المقصود.

أقول: وكذلك الحال بالنسبة إلى استعمال المخدر، إذا وجدت الضرورة الملحة التي تدعو إلى ذلك، وما دام الطبيب الحاذق الأمين يرى أن ذلك هو الدواء الوحيد المفيد الناجع. وذلك إبقاء للحياة، وحفظاً للصحة، ودفعاً للضرر.

وهذا هو أصل من أصول التشريع في الإسلام، يبنى عليه، حينما يحرم ما يحرم، وحينما يبيح ما يبيح، والله سبحانه أعلم.


(١) في مغني المحتاج (٤/١٨٨) طبعة مصطفى الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>