للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

واجبات الطبيب في السلم والحرب

الحق أنه لا فرق بين واجبات الطبيب في السلم، وواجباته في الحرب، وإن كانت في الحرب أوجب وألزم؛ لأن مهمة الطبيب مهمة إنسانية قبل كل شيء، فسيان عنده التطبيب للمرضى والجرحى، في وقت السلم والحرب، فيجب عليه المبادرة من فوره لمعالجة المريض أو المصاب، وكلما كان المرض أو الإصابة أخطر، كان الإسراع منه أوجب.

أولاً- وإن من أول الواجبات عليه وأولاها: أن يكون عالماً بمهنة الطب، ماهراً بها، متقناً لها، ومشهوداً له بتفوقه فيها وانقطاعه إليها.

ومن لم يكن كذلك، فلا يحق له الإقدام على تطبيب يخاطر فيه، ولا ينبغي له التعرض لما لا علم له فيه، ولا التصدر لطب البشر قبل استكمال أهليته.

ومن هنا جاء الحجر على الطبيب الجاهل وتضمينه، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن)) .

ثانياً- وكذلك من أوجب الواجبات عليه كتمان سر المريض؛ لأنه قد أمنه على نفسه وسره وعورته. وإفشاء سره غير جائز إلا برضاه وبإذنه، إلا إذا كانت هناك ضرورة قصوى.

ذلك لأن الطبيب ليس من مهمته التحقيق والتفتيش والمحاكمة، وإنما مهمته الأساسية هي العلاج والتطبيب فقط.

وقد جاء في الحديث الشريف: أن ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) .

وهذا الستر عام يشمل الصحيح والمريض، ما لم يكن هناك مجاهرة في المعاصي والتبجح بها والإعلان عنها، فإن ذلك من الجهر بالسوء من القول الذي لا يحبه الله ولا يرضاه، فيجب عندئذ كشف سره لكي يعرف الناس سلوكه السيئ فيهجرونه.

وكذلك يجب كشف بعض أسرار المريض، ولا سيما إذا كان مرضه خبيثاً، وداؤه عضالاً معدياً، وكان ينوي الزواج من فتاة بريئة لا علم لها بهذا المرض الخطير.

<<  <  ج: ص:  >  >>