للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن إسحاق في السيرة: ((استأجر عبد الله بن أرقط (أو أريقط) رجلاً من بني الدئل (أو الديل) ، وكان مشركاً، يدلهما على الطريق ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما)) . (١) انتهى.

ومعنى الدليل: الدال، وقد دله على الطريق دلالة، ودلالة؛ بفتح الدال وكسرها والفتح أعلى. والخريت: الدليل الحاذق بالدلالة.

والطب: علاج الجسم والنفس.

والطبيب: الحاذق من الرجال، الماهر بعلمه.

والمتطبب: الذي يتعاطى علم الطب، وليس بذلك.

ومعنى فلان يستطب لوجعه؛ أي: يستوصف الدواء بما يصلح لدائه ووجعه.

وأما البراهين العملية، والأدلة التطبيقية على جواز الاستطباب بغير المسلم من الأطباء، فهي الواقع العملي الذي جرى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده في العصور اللاحقة، ففي سنن الإمام أبي داود وغيره: أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرض، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي الحارث بن كلدة، فيستوصف في مرضه الذي نزل به، فأتاه فعالجه فكأنما أنشط من عقال. (٢)

ومعلوم أن الحارث بن كلدة كان طبيب العرب في وقته، وأصله من ثقيف، من أهل الطائف؛ رحل إلى أرض فارس، وأخذ الطب عن أهل تلك الديار وغيرها، في الجاهلية، ومهر في هذه المهنة.

وأدرك الإسلام، ومات في نأنأة الإسلام (أي في أول الإسلام) ، ولم يصح إسلامه، كما ذكر ذلك حافظ أهل المغرب. ابن عبد البر الأندلسي القرطبي. (٣)

فيدل هذا على أنه يجوز مشاورة أهل الكفر واستطبابهم، إذا كانوا من أهله.

وقد عني الخلفاء المسلمون، في جميع العهود، عناية شديدة باختيار أطبائهم، وكان في بلاط الخلفاء والأمراء، أطباء من اليهود والنصارى والصابئة.

ويذكر التاريخ وكتب التراجم والطبقات، من الأطباء النصارى، الذين حازوا قصب السبق في بلاط الخلفاء العباسيين (ابن ماسويه) طبيب هارون الرشيد.


(١) السيرة لابن إسحاق (١/٤٨٥)
(٢) سنن الإمام أبي داود (٢/٣٣٥)
(٣) في كتابه: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (١/٢٨٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>