للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- قال (ابن مفلح) الحنبلي، في كتابه النفيس، (١) نقلاً عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ما نصه:

(إذا كان اليهودي، أو النصراني، خبيراً بالطب، ثقة عند الإنسان، جاز له أن يستطب، كما يجوز له أن يودعه المال وأن يعامله. كما قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥] .

وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما هاجر استأجر رجلاً مشركاً هادياً خريتاً (أي: ماهراً حاذقاً يهتدي لمثل خرت الإبرة. كأنه ينظر في خرت الإبرة من دقة نظره) ، وائتمنه على نفسه وماله.

وكانت (خزاعة) عيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مسلمهم وكافرهم (والعيبة: موضع السر) .

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستطب (الحارث بن كلدة) وكان كافراً.

وإذا أمكنه أن يستطب مسلماً، فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله، فلا ينبغي أن يعدل عنه، وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكتابي، أو استطبابه، فله ذلك، ولم يكن من ولاية اليهود والنصارى المنهي عنها ... إلخ) انتهى.

ب- جاء في كتاب بدائع الفوائد، ما نصه:

(في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط الديلي، هادياً في وقت الهجرة، وهو كافر؛ دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والأدوية والحساب والعيوب، ونحوها. ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة، ولا يلزم من كونه كافراً، ألا يوثق به، في شيء أصلاً، فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة) (٢) انتهى.

وأقول: إن المستند الذي استند إليه شيخ الإسلام (ابن تيمية) وتلميذه (ابن قيم الجوزية) ، هو: ما رواه الإمام البخاري في صحيحه:

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ((استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رجلاً من بني الديل، هادياً خريتاً، وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيها، صبح ثلاث)) (٣)


(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية: ٢/٤٦٢، من طبعة المنار بالقاهرة.
(٢) بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية: ٣/٢٠٨.
(٣) صحيح البخاري (٥/٧٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>