للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس

استطباب الطبيب غير المسلم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، طب القلوب وشفائها، وعلى آله وصحابته أجمعين.

وبعد: فإن الكلام فيمن يجوز ويعتمد على خبره وطبه من الأطباء، وهل يجوز الاعتماد في ذلك على طبيب غير مسلم، أم لا يجوز، كلام طويل الذيل، عميق السيل، يمكننا أن نلخصه ونختصره فيما يلي:

أولاً: ظاهر مذاهب الأئمة: الحنفي، والشافعية، والحنابلة، أنهم يشترطون في الطبيب الذي يعول على خبره وطبه؛ أن يكون مسلماً. فهو مقيد عندهم بقيد الإسلام.

ثانياً: وذهب المالكية إلى أن الاعتماد على الطبيب غير المسلم، لا يجوز إلا في حالة فقدان الطبيب المسلم، فإذا لم يوجد طبيب مسلم يضاهي غير المسلم في الحذق والمهارة والاختصاص، فيجوز حينئذ التداوي عند غير المسلم.

ثالثاً: هناك فقيهان حنبليان جليلان، هما: شيخ الإسلام (ابن تيمية) ، وتلميذه وناشر آرائه (ابن قيم الجوزية) ، هذان الفقيهان لا يريان وجوب كون الطبيب مسلماً، حتى في حالة وجود الطبيب المسلم. وقولهما هو الصحيح، وهو الذي نختاره ونميل إليه.

ذلك لأن المدار والمعول عليه في الطب، هو ما يوجب غلبة الظن.

وهذا كما يوجد ويتوافر في الطبيب المسلم، يوجد ويتوافر كثيراً في غير المسلم، وذلك بالتجربة والممارسة.

هذا، وليس قول هذين الفقيهين الجليلين من الكلام الملقى على عواهنه، بل هو قول سديد، ورأي أصيل، مدعم بالأدلة التطبيقية، والبراهين العملية في الشريعة الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>