للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول

الكلام على معنى المسؤولية ومشروعيتها في الفقه الإسلامي

أولاً- معنى المسؤولية:

لعل كلمة (مأخوذية) الواردة في كلام الإمام الشافعي في كتابه (الأم) (١) أقرب ما تؤدي المعنى المراد من كلمة مسؤولية في التعبير القانوني الحديث، ذلك أن سؤال المرء قد يكون فيما لا تبعة فيه، فأما (المأخوذية) فإنما تكون فيما فيه مؤاخذة وتبعة معاً.

على أن الناظر في كتب الفقه الإسلامي، لا يجد لكلمة مسؤولية مكاناً فيها، لأنها لفظة محدثة، يجد أن الفقهاء قد عبروا عنها بلفظ (الضمان) .

ومع ذلك، فإننا مضطرون إلى استعمال كلمة (مسؤولية) مجاراة لأهل العصر، مع ما أشرنا إليه من أنها محدثة.

هذا ولعل من الواضح، أن تضمين الإنسان هو: الحكم عليه بتعويض الضرر الذي أصاب غيره من جهته.

والضرر نوعان:

الأول- ما يصيب الإنسان في نفسه.

الثاني- ما يصيبه في ماله.

فالأول- كإتلاف نفس أو عضو فيها.

والثاني- كإتلاف ماله أو جزء منه.

وكما أن الضرر يتنوع باعتبار محله إلى هذين النوعين، يتنوع باعتبار سببه إلى عدة أنواع:

منها- ما ينشأ عن مخالفة عقد بين المعتدي والمعتدى عليه.

ومنها- ما ينشأ بالاستيلاء على ملك الغير بطريق القهر، كالغصب.

ومنها- ما ينشأ عن إتلاف مال الغير.

ولك أن تقول بناء على ذلك: إن المسؤولية لا بد في تحققها من ضرر ترتب على إخلال بحق ثابت للغير. فلا مسؤولية حيث لا إخلال بحق الغير، ولا مسؤولية حيث لا ضرر.


(١) كتاب الأم للإمام الشافعي (٦/١٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>