للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقشة والترجيح:

يمكن مناقشة أدلة المانعين بما يأتي:

قولهم: لو استبدل عن ثمن الصرف لم يحصل مدلول قوله صلى الله عليه وسلم ((عينا بعين)) . يصدق إذا كان البدل لا يتم قبضه في المجلس، وهذا غير موجود في الصورة التي معنا، إذ إن القائل بجواز الاستبدال يشترط التقابض في المجلس (١) . لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما لم تفترقا وبينكما شيء)) . ومعنى (عينا بعين) . أي حاضرا بحاضر (٢) . وهذا الشرط متحقق؛ لأنه يتم قبض المبيع في الصرف، ويستبدل البائع عن ثمنه سلعة أخرى، يقبضها في مجلس العقد.

وفي مسألتنا يشتري الذهب الجديد بثمن معلوم من النقود الورقية، ثم يجري المقاصة بين ثمنه، وثمن الذهب المبيع، ويتم التقابض في المجلس.

وقولهم: إن الثمن في الصرف يعرض له البطلان بالتفرق قبل القبض بخلاف الثمن في غيره، يجاب عليه بأن بدل ثمن الصرف إذا اتحد مع المثمن في علة الربا يأخذ حكم الصرف، فلا بد من قبض البدل في المجلس.

وقولهم: لا يصح تصرفه فيه قبل قبضه، نقول: نعم إذا كان مع غير من هو عليه، أما تصرفه ممن هو عليه فيصح، يؤيده حديث ابن عمر: ((أبيع بالدنانير وأخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، وآخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه)) .

وقولهم: إنه ذريعة إلى بيع الربوي بالربوي نسيئة، غير مسلم؛ لأنه إذا شرط الحلول والتقابض انتفت أي ذريعة إلى بيع الربوي بالربوي نسيئة.

وبناء على رد أدلة المانعين بالمناقشة السابقة وقوة أدلة المجيزين، فإنه يترجح لي جواز التصرف في ثمن الصرف، ممن هو عليه، والمقاصة بثمنه، والاستبدال عنه، بشرط الحلول وتقابض المبيع وبدل ثمنه في مجلس العقد، قبل التفرق، إذا كان ثمنه ربويا.


(١) المبسوط ١٤/٣
(٢) لسان العرب؛ المصباح المنير؛ مادة عين

<<  <  ج: ص:  >  >>