للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرد على الحنفية والشافعية أيضا بأنه يجوز اشتراط شرط في البيع لا يخالف مقتضاه، أو فيه منفعة للعاقد معلومة. بدليل حديث جابر إنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جملا واشترط حملانه إلى المدينة (١) متفق عليه.

ومما يحسن التنبيه عليه، أن أحد الباحثين ذكر أن من أسباب منعه عند المالكية، اجتماع البيع والإجارة؛ لأن الصرف نوع من البيوع (٢) .

لكن المالكية لا يمنعون اجتماع البيع والإجارة؛ بدليل قصرهم المنع على العقود الستة فقط، والتي يلخصونها في قول: جص مشنق (٣) كما أن ابن جزي نص على جواز اجتماع البيع والإجارة (٤) .

وأما قول الحنابلة في الصورة التي ذكرها ابن قدامة: إن ذلك ليس بيع درهم بدرهمين فمسلم. لأن أحدهما في مقابلة وزن الحلي، والثاني أجرة. لكن لم يتم شرط التقابض في المجلس، فلا يصح العقد.

والصورة الثانية هي أن يدفع طالب الحلية الثمن والأجرة من غير جنسه لا تجوز، ولايصح العقد عليها أيضا. لعدم التقابض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) (٥) .

والطريقة التي يكون بها تحقيق رغبة طالب الحلية وتوافق أحكام الشريعة الإسلامية هي:

أ - أن تتم صناعة الحلي خلال مدة انتظار طالبها، ويتم التقابض في المجلس، ويتم دفع ثمنها من النقود الورقية، أو نحوها مما هو مخالف لجنسها.

ب - أن يشتري الإنسان الذهب أو الفضة، تبرا أو سبائك، أو حليا، ويدفع ثمنها، بالتساوي إن اتحد جنسها أو بالتفاضل إن اختلف الجنس، ويقبض المشتري الذهب، أو الفضة ويقبض البائع الثمن. ثم يتفق معه على أجرة الصناعة التي يريدها ويسلمه المعدن المشترى - ذهبا أو فضة – وفي هذه الحالة يكون العقد جائزا، وصحيحا، سواء كانت الأجرة من جنس المعدن أو مختلفة عنه، وسواء دفعها مقدما أو عند تسليم الحلي، أو دفع بعضها مقدما، والبعض الآخر مؤخرا.


(١) صحيح مسلم بشرحه ٤/١١٤ و١١٥
(٢) حكم عقد الصرف ص٦٤٢
(٣) الشرح الصغير وبلغة السالك ٢/١٧؛ الشرح الكبير ٣/٢٨؛ مواهب الجليل والتاج والإكليل ٤/٣١٣
(٤) القوانين الفقهية ص٢٥٨
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٩٨؛ ورواه الجماعة إلا البخاري

<<  <  ج: ص:  >  >>