للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني- شراء أواني الذهب للاتخاذ أو الزينة:

اختلف الفقهاء في حكم اتخاذ آنية الذهب.

فمذهب الحنفية، وهو قول عند المالكية، والصحيح عند الشافعية، وراوية عند الحنابلة: يجوز اتخاذ آنية الذهب والفضة (١) .

ومذهب الحنابلة، وقول ثان للمالكية، والأصح عند الشافعية، حرمة اتخاذ آنية الذهب والفضة؛ لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال (٢) ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يحرم اتخاذها في أشهر الروايتين، فلا يجوز صنعتها، ولا استصياغها، ولا اقتناؤها، ولا التجارة فيها؛ لأنه متخذ على هيئة محرمة الاستعمال، فكان كالطنبور وآلات اللهو، ولأن اتخاذها يدعو إلى استعمالها غالبا فحرم كاقتناء الخمر والخلوة بالأجنبية) (٣) .

فعلى القول الأول، وهو مذهب الحنفية والمالكية والصحيح من مذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة يجوز شراء أواني الذهب والفضة، إذا كان الشراء للاقتناء؛ لأن ما جاز اتخاذه، جاز شراؤه. قال الحطاب: (وأما بيعها فجائز لأن عينها تملك إجماعا) (٤) .

ويتخرج على مذهب الحنابلة حرمة بيع وشراء أواني الذهب والفضة؛ لأن ما حرم اتخاذه حرم بيعه.

والراجح عندي جواز شراء أواني الذهب والفضة سواء كانت خالصة، أو مموهة، إذا كان الشراء لغرض القنية، أو الزينة؛ كالتحف، ونحوها، لا لغرض الاستعمال. يؤيده بيع معاوية آنية من فضة، ولم ينكر عليه عبادة ولا أبو الدرداء، كما بينا وجه دلالته في المطلب السابق.

وقياسها على آلات اللهو والطنبور لا يصح في نظري، لأن هذه لا فائدة فيها، أما أواني الذهب والفضة، فإن لها قيمة مادية في ذاتها بصرف النظر عن كونهما آنية، ولأنه يمكن تحويلهما والاستفادة منهما في غير الاستعمال.


(١) رد المحتار ٥/٢١٨، مواهب الجليل، والتاج والإكليل ١/١٢٨؛ الذخيرة ١/ ١٦٧، نهاية المحتاج ١/١٠٤؛ المجموع ١/٣٠٨ و٣١٣؛ الإنصاف ١/٨٠
(٢) مواهب الجليل؛ المجموع؛ نهاية المحتاج؛ كشف القناع ١/٥١؛ الذخيرة
(٣) العدة ١/١١٥؛ وانظر: المغني ١/١٠٣
(٤) مواهب الجليل، والتاج والإكليل ١/١٢٨؛ الذخيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>