للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما دليلهم على عدم جواز الاعتياض عنه ببدل يساوي أكثر من قيمته؛ فلأن دين السلم مضمون على البائع، ولم ينتقل إلى ضمان المشتري، فلو باعه المشتري من المسلم إليه بزيادة، فيكون رب السلم قد ربح فيما لم يضمن، وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه ((نهي عن ربح ما لم يضمن)) . (١)

٤٤-ونهج المالكية في المسألة نهجًا وسطاً؛ إذ أجازوا بيع المسلم فيه لغير المسلم إليه إذا لم يكن طعاما بمثل ثمنه وبأقل وأكثر حالًا غير مؤجل كيلا يؤول إلى بيع الكالئ بالكالئ. (٢)

قال ابن رشد الحفيد: (وأما بيع دين السلم من غير المسلم إليه فيجوز بكل شيء يجوز به التبايع، ما لم يكن طعاماً؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل قضبه) . (٣)

أما الاعتياض عنه، أي بيعه من المسلم إليه ببدل حال فقد أجازوه بشروط ثلاثة بينها الخرشي بقوله: (يجوز للمسلم إليه أن يقضي السلم من غير جنس المسلم فيه، سواء حل الأجل أم لا بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون المسلم فيه مما يباع قبل قبضه (وهو ما سوى الطعام) . كما لو أسلم ثوبا في حيوان، فأخذ عن ذلك الحيوان دراهم، إذ يجوز بيع الحيوان قبل قضبه.

الثاني: أن يكون المأخوذ مما يباع بالمسلم فيه يدا بيد كما لو أسلم دراهم في ثوب مثلا، فأخذ عنه طشت نحاس، إذ يجوز بيع الطشت بالثوب يدا بيد.

الثالث: أن يكون المأخوذ مما يجوز أن يجوز أن يسلم فيه رأس المال. كما لو أسلم دراهم في حيوان، فأخذ عن ذلك الحيوان ثوباً، فإن ذلك جائز، إذ يجوز أن يسلم الدراهم في الثوب) . (٤)

وجاء في (القوانين الفقهية) لابن جزي: (يجوز بيع العرض المسلم فيه قبل قبضه من بائعه بمثل أو أقل لا أكثر؛ لأنه يتهم في الأكثر بسلف جر منفعة، ويجوز بيعه من غير بائعه بالمثل وأقل وأكثر يدا بيد ولا يجوز بالتأخير للغرر) . (٥)


(١) أخرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وعبد الرازق وأحمد والنسائي وأبي داود والترمذي والدرامي والطحاوي وغيرهم. قال الترمذي: هذا حديث صحيح. (الألباني، إرواء الغليل،٥/١٤٦ط. المكتب الإسلامي بدمشق سنة ١٣٩٩هـ.
(٢) ابن جزي، القوانين الفقهية، مرجع سابق ص ٢٧٥؛ المواق، التاج والإكليل، ٤/٥٤٢ مط. السعادة بمصر سنة١٣٢٩هـ.
(٣) ابن رشد، بداية المجتهد، مرجع سابق٢/٢٣١.
(٤) الخرشي، شرح خليل، مرجع سابق ٥/٢٢٧؛ وانظر ابن جزي، القوانين الفقهية، مرجع سابق ص ٢٧٤.
(٥) ابن جزي، القوانين الفقهية، مرجع سابق ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>