للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السابعة

الاتفاق على تقسيط المسلم فيه على نجوم

٥٤-إذا أسلم شخص في شيء واحد على أن يقبضه بالتقسيط في أوقات متفرقة أجزاء معلومة، كسمن يأخذ بعضه في أول رجب وبعضه في أول رمضان وبعضه في منتصف شوال مثلا ... فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك على ثلاثة أقوال:

أ-فذهب المالكية والشافعية في الأظهر إلى أنه يصح ذلك؛ لأن كل ما جاز أن يكون في الذمة إلى أجل، جاز أن يكون إلى أجلين وآجال، كالأثمان في بيوع الأعيان. (١)

ب-وذهب الشافعي في قول ثان له إلى أنه لا يصح ذلك؛ (لأن ما يقابل أبعدهما أجلا أقل مما يقابل الآخر، وذلك مجهول، فلم يجز) . (٢) أي أن القيمة الحالية (وقت عقد السلم) للدفعة المؤجلة إلى الأجل القريب أعلى من القيمة الحالية للدفعة المؤجلة إلى الأجل البعيد، فحيث لم يسم في العقد لكل دفعة من المسلم فيه قدرا من الثمن (رأس المال) على حدته، فلا تعرف حصة كل قسط من الثمن، وتلك هي الجهالة المفضية إلى فساد العقد.

ج-وذهب الحنابلة في المعتمد عليه إلى التفصيل، حيث قالوا: (يصح أن يسلم في جنس واحد في أجلين) كسمن يأخذ بعضه في رجب، وبعضه في رمضان؛ لأن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى أجلين وآجال إن بين كل قسط أجل وثمنه؛ لأن الأجل الأبعد له زيادة وقع على الأقرب، فما يقابله أقل. فاعتبر معرفة قسطه وثمنه. فإن لم يبينهما لم يصح ...

ويصح أن يسلم في شيء كلحم وخبز وعسل يأخذه كل يوم جزءا معلومًا مطلقا، أي سواء بين ثمن كل قسط أو لا، لدعاء لحاجة إليه) . (٣)

(فإن قبض البعض مما أسلم فيه ليأخذ منه كل يوم قدرا معلوما، وتعذر قبض الباقي، رجع بقسطه من الثمن، ولا يجعل الباقي فضلا على المقبوض، لأنه مبيع واحد متماثل الأجزاء، فقسط الثمن على أجزائه بالسوية كما لو اتحد أجله) . (٤)


(١) النووي، روضة الطالبين، مرجع سابق ٤/١١؛ الأنصاري، أسنى المطالب، مرجع سابق ٢/١٢٦؛ الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٣٠٧؛ القاضي عبد الوهاب، الإشراف على مسائل الخلاف، مرجع سابق ١/٢٨٠.
(٢) الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٣٠٧
(٣) البهوتي، شرح المنتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢١٨؛ كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٨٧.
(٤) البهوتي، كشاف القناع مرجع سابق ٣/٢٨٦؛ وانظر: شرح المنتهى له، مرجع سابق، ٢/٢١٩؛ ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>