للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ-فذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أنه لا يصح أخذ رهن ولا كفيل من المسلم إليه. (١) وذلك لأنه (إن أخذ برأس مال السلم الرهن والضمين، فقد أخذ بما ليس بواجب ولا مآله إلى الوجوب؛ لأن ذلك قد ملكه المسلم إليه. وإن أخذ بالمسلم فيه، فالرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن، والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من الرهن ولا من ذمة الضامن؛ ولأنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان، فيصير مستوفيا لحقه من غير المسلم فيه، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ((من أسلم في شيء فلا يصرفه في غيره)) رواه أبو داود. ولأنه يقيم ما في ذمة الضامن من مقام ما في ذمة المضمون عنه، فيكون في حكم أخذ العوض والبدل عنه وهذا لا يجوز) . (٢)

ب-وذهب الشافعي ومالك والحنفية وإسحاق وابن المنذر إلى جوازه. وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن قدامة وجمع من الحنابلة. وهو قول عطاء ومجاهد وعمرو بن دينار والحكم وغيرهم من السلف. (٣) جاء في (الأم) للشافعي: (السلم: السلف. وبذلك أقول: لا بأس فيه بالرهن والحميل؛ لأنه بيع من البيوع، وقد أمر الله جل ثناؤه بالرهن، فأقل أمره تبارك وتعالى أن يكون إباحة له) . (٤) وقد علق برهان الدين ابن مفلح الحنبلي على استدلال المانعين بحيث: (من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره) بقوله: (فيه نظر؛ لأن الضمير في (لا يصرفه) راجع إلى المسلم فيه، ولكن يشتري ذلك من ثمن الرهن ويسلمه، ويشتريه الضامن ويسلمه، لئلا يصرفه إلى غيره) . (٥)

ج ـ وروي عن علي وابن عمر وابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والأوزاعي كراهة ذلك. (٦)

د ـ وذهب ابن حزم الظاهري إلى أن (اشترط الكفيل في السلم يفسد به السلم؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى، فهو باطل. أما اشتراط الرهن فجائز) . (٧)


(١) البهوتي، شرح منتهى الإيرادات، مرجع سابق ٢/٢٢٢، كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٩٨.
(٢) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٤٢
(٣) ابن جزي، القوانين الفقهية، مرجع سابق ص٣٢٨؛ عليش، منح الجليل، مرجع سابق ٣/٢٥٢؛ ابن عابدين، رد المحتار، مرجع سابق ٥/٣١٨؛ ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٤٢؛ الشافعي، الأم، مرجع سابق ٣/٩٤
(٤) الشافعي؛ الأم، مرجع سابق ٣/٩٤.
(٥) ابن مفلح، المبدع، ٤/٢٠٢ ط. المكتب الإسلامي بدمشق سنة ١٤٠٠هـ؛ البهوتي، كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٩٨.
(٦) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٤٢، البهوتي، شرح المنتهى، مرجع سابق ٢٠٠/٢٢٢.
(٧) ابن حزم، المحلى، مرجع سابق ٩/١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>