للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد:

قد قدم في هذا الموضوع ثمانية بحوث لم أتمكن من قراءة ثلاثة منها لأني تسلمتها اليوم، وسأعرض ما اتفقت عليه البحوث الخمسة وهو كثير، وأعرض ما انفردت به في بحثي وأترك للإخوة أن يعرض كل منهم بحثه؛ لأن هذا في رأيي أعدل ولأن صاحب البحث أقدر على بيان رأيه وتوضيحه، وبهذا يكون عرض البحوث كلها قد اكتمل من غير تكرار، ويبقى بعد ذلك التعليق والتعقيب والمناقشة، وأرجو أن يكون في هذا بعض الاستجابة لتوجيهات الرئاسة في هذا الصباح. وسأسير في البحث على حسب الخطة الموضوعة من المجمع.

أولا ـ تعريف السلم:

السلم والسلف بمعنى واحد، الأول لغة أهل الحجاز والثاني لغة أهل العراق. والسلم في الاصطلاح هو: بيع آجل بعاجل. وهذا التعريف الذي اتفق عليه في الجملة الحنفية والمالكية والحنابلة، وإن كان ابن عابدين يرى الأفضل أن يقال: شراء آجل بعاجل وليس بيع آجل بعاجل. الشافعية تعريفهم يختلف عن تعريف الجمهور، يقولون: هو بيع موصوف في الذمة. وهذا راجع إلى أنهم يرون أن السلم يكون حالا كما يكون مؤجلا، فلم يلتزموا كلمة: آجل، بيع موصوف في الذمة المالية قد يكون آجلا وقد يكون حالًّا.

والسلم نوع من البيع، هذا في رأي جمهور الفقهاء وهو عكس البيع بثمن مؤجل. ابن حزم يرى أن السلم ليس نوعا من البيع لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) سماه سلما وسماه سلفا ولم يسميه بيعا. فلا يعترف بأنه بيع.

مشروعية السلم ثابتة في القرآن والسنة والإجماع وهذا معروف. وحكي الإجماع في جواز السلم ولكن حكي عن ابن المسيب أنه لا يجيزه متمسكا بحديث النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، جاء هذا عنه في البحر الزخار وفي نيل الأوطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>