للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتضح من هذا أنه لا يغني عن القبض التحقق من قدرة المسلم إليه على توفير السلعة عند حلول الأجل، ولا التأمين على السلعة المسلم فيها، ولا في وجودها في مخازن عمومية منظمة؛ لأن قدرة المسلم إليه على تسليم السلعة عند حلول الأجل شرط لصحة عقد السلم، فلو كان المسلم إليه غير قادر على التسليم أو شاكا فيه لا يجوز العقد من الأصل. ووجود السلعة في مخازن عمومية منتظمة محقق للقدرة على التسليم ولكنه ليس قبضا.

والتأمين على السلعة ضرب من الضمان وليس قبضا، ثم إن علة منع بيع المسلم فيه قبل قبضه ليست هي احتمال عدم القدرة على تسليمه وحدها، حتى يقال: إذا انتفت العلة بتحقق القدرة على التسليم ينتفي المانع ويصح البيع، فهناك علة الربا وعلة عدم دخول السلعة في ضمان المشتري.

مسألة أخرى هي: الاستبدال بالمسلم فيه، أو بيع المسلم فيه إلى المسلم.

لا يجوز عند الحنفية والشافعية والحنابلة ويأخذ المسلم غير ما أسلم فيه بدلا عنه قبل أن يقبضه. ونقلت في هذا نقولا هي بين أيديكم وهي عن السمرقندي وابن قدامة والنووي كل هؤلاء يمنعون. ويجوز عند المالكية قضاء المسلم فيه بغير جنسه، سواء أكان القضاء قبل الأجل أو بعده بشروط ثلاثة هي:

الشرط الأول: أن يعجل البدل المدفوع لئلا يكون من فسخ الدين في الدين، وهم يمنعون هذا.

الشرط الثاني: ألا يكون المسلم فيه طعاما، ليسلم من بيع الطعام قبل قبضه، وهذا يمنعه المالكية أيضا.

الشرط الثالث: أن يكون سلم رأس المال في الموضوع من غير الجنس صحيحا.

يتضح من هذا أن المانعين للاستبدال، وهم الحنفية والشافعية والحنابلة، اعتمد بعضهم على حديث: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ، وهذا مما استدلوا به، واعتمدوا جميعا على أن الاستبدال بيع للمبيع قبل قبضه، وبيع المبيع قبل قبضه لا يجوز، ولا فرق عندهم بين بيعه من بائعه أو من غيره.

والمالكية المجوزون للاستبدال ساروا فيه على رأيهم في بيع المبيع قبل القبض، فأجازوه في غير الطعام بشرط تعجيل البدل، وصلاحيته لأن يكون مسلما فيه لرأس مال السلم. وأرى جواز الاستبدال، سواء أكان المسلم فيه طعاما، أم غير طعام، بشرطين:

<<  <  ج: ص:  >  >>