للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلم المتوازي:

هذا اصطلاح حادث المراد به –كما جاء في مخطط المجمع-استخدام صفقتي سلم متوافقتين دون ربط بينهما.

وواضح من المصطلح أنه لا يوجد ربط لفظي في العقد بين السلمين، ولكن الربط حاصل في الواقع؛ لأن رب السلم الأول يبيع سلعة لرب السلم الثاني بنفس المواصفات والمقدار، وإلى نفس الأجل الذي سيتسلم فيه السلعة التي أسلم فيها، وفي نيته أنه سيتسلمها من المسلم إليه، ويسلمها إلى من تعاقد معه، ولكنه لا يصرح بهذه النية، ويبرم عقد سلم ظاهره الاستقلال عن العقد الأول، وباطنه الربط بينهما.

وفي رأيي أن هذا السلم المتوازي هو حيلة لبيع المسلم فيه قبل قبضه، فهل هذه الحيلة مقبولة شرعا؟

هذه الحيلة لا تتحقق فيها علتان من ثلاث العلل التي ذكرها الفقهاء لمنع بيع المسلم فيه قبل قبضه:

أولا:

لا تتحقق فيه علة دخول بيع المسلم فيه قبل قبضه في ربح ما لم يضمن المنهي عنه؛ لأن المسلم فيه دين في ذمة المسلم إليه فهو في ضمانه. ولا يؤثر في هذا نية المسلم إليه في أن يؤدي هذا الدين من السلم الأول، وهذا شبيه بالمزارع الذي يبيع سلما في ذمته من غير أن يربطه بمحصول أرضه، وفي نيته أن يوفى من محصوله. هذا لا يضر.

ثانيا:

ولا يتحقق فيه –أيضا-علة الغرر، لأن المسلم إليه لا يبيع عين السلعة التي اشتراها من المسلم إليه الأول، وإنما يبيع سلعة موصوفة في الذمة تتوافر فيها شروط المسلم فيه.

ولكنها لا تخلو من علة الربا التي أشار إليها ابن عباس بقوله: ((ذاك بدراهم والطعام مرجأ)) ، وبخاصة إذا اتخذ هذا الأسلوب من السلم المتوازي بقصد التجارة والربح. وتكرر السلم المتوازي للمعاملة الأولى، ويدخله مانع آخر هو الضرر الذي يصيب المستهلك من ارتفاع سعر السلعة قبل أن تصل إليه بسبب انتقالها لأكثر من تاجر.

ولهذا فإني أرجح منع هذه المعاملة، إلا إذا احتاج رب السلم الأول إلى نقود قبل أن يحل أجل السلم، ولم يجد من يقرضه فيجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلى السلم المتوازي، بل يجوز له إذا كان المسلم فيه غير الطعام أن يبيعه قبل قبضه ليقضي حاجته عملا بمذهب المالكية. الذي رجحته رأي الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>