للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور منذر قحف:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد.

الذي يبدو لي أن السلَم أداة كما تحدث عنها الفقهاء أنها عقد المحاويج وليست عقدًا للأغنياء-ليست عقد البنك الإسلامي فهو خلافا لما ظن أنه أداة تصلح للتمويل يستعملها البنك الإسلامي. أنا أقول: إنها أبعد ما يكون أو ما تكون عن الصلاح للبنك الإسلامي أداة للتمويل. والأدلة على ذلك:

أولا: واقع الحال أن البنوك الإسلامية لم تستعملها خلال عشرين سنة رغم وجودها.

ثانيا: عندما استعملتها في بلد من البلدان وقعت بطامات كبيرة لم تخرج منها حتى الآن، وفي السودان بلد الشيخ الضرير وتحت أعين الشيخ الضرير وهو يعلم كل المشكلات التي نشأت عن استعمال السلم من قبل البنوك الإسلامية والسبب هو أن السلم بطبيعته متاجرة مباشرة يجعلك في آخر مدة العقد أمام بضاعة لا تعرف كيف تتصرف بها، وأنت أيها البنك الإسلامي تعمل بأموال المودعين لا تعمل برأس مالك بحيث تأخذ من المخاطرة ما أنت حر فيه. لا ينبغي للبنك الإسلامي أو لأي وسيط مالي يعمل بأموال الآخرين، أن يأخذ ذلك القدر الكبير من المخاطرة لأن هذا القدر أكبر مما يتحمله وسيط مالي. الدول الأخرى تقيد الوسيط المالي باستعمالات كثيرة فلا تسمح له أبدا أن يدخل بأعمال فيها مخاطرة أكثر مما ينبغي لمثله، والسلم فيه تلك المخاطرة. لنقارن السلم في هذا مع المرابحة ومع الشركة. عندما يدخل البنك في شركة هو في ذلك يعطي الأمر لأهله وهنا يتدخل هو بالمتاجرة المباشرة مع وجود أهلها.

النقطة الثالثة في السلم: قلة في الكفاءة الاقتصادية للمجتمع بكامله، لأن البنك متخصص بالوساطة المالية، فإذا تعدى هذا الاختصاص إلى غيره ينبغي له أن يكسب أدوات المتاجرة المباشرة، والتجار أقدر عليه من هذا، والتجار بأموالهم أقدر من موظفي البنك على المتاجرة؛ لأن لديهم الدافع الذاتي الذي هو أقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>